Tuesday, January 21, 2020

التنمر المدرسي



التنمر المدرسي
 التنمر المدرسي، البلطجة، التسلط، الترهيب، الاستئساد، الاستقواء،  bullying، 
أسماء مختلفة لظاهرة سلبية نشأت في الغرب و بدأت تغزو مدارسنا بفعل تأثيرات العولمة و الغزو الإعلامي الغربي ، و يكفي الاطلاع على الإحصائيات العالمية الخاصة بهذه الظاهرة للوقوف على خطورتها. ففي الولايات المتحدة الأمريكية – التي يعتبر فيها التنّمر المشكلة الأكثر حضوراً من مشاكل العنف في المدارس- تُشير الدراسات بأن ثمانية من طلاب المدارس الثانوية يغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة خوفا من التنمر. كما كشفت دراسة مسحية لإيرلينغ Erling بعنوان «التنمر: أعراض كئيبة وأفكار انتحارية» أجريت على 2088 تلميذًا نرويجيًا في المستوى الثامن – كشفت أن الطلبة ممن يمارسون التنمر وكذلك ضحاياهم قد حصلوا على درجات عليا في مقياس الأفكار الانتحارية. وفي دراسة لليند وكيرني Lind & Kerrney أجريت في نيوزلندا ، اتضح أن حوالي 63% من الطلاب قد تعرضوا لشكل أو آخر من ممارسات التنمر، كما أشارت دراسة أدامسكي وريان Rayan & Adamski التي أجريت في ولاية إلينوي بالولايات المتحدة إلى أن أكثر من 50% من الطلاب قد تعرضوا لحالات التنمر، وفي إيرلندا أوضحت دراسة لمينتون Minton تعرض الطلاب لمشكلات التنمر بنسبة 35% من طلاب المرحلة الابتدائية و36.4% من طلاب المرحلة المتوسطة. هذه الإحصائيات المقلقة تدفعنا للتساؤل حول هذه الظاهرة و تحليلها بحثا عن أسبابها و طرق علاجها ، حتى لا تتحول إلى عامل آخر ينضاف إلى عوامل الهدر المدرسي في دول العالم الثالث. لدراسة هذه الظاهرة لابد أولا من البحث عن تعريف لها قبل الحديث عن أسبابها و طرق علاجها.

1 تعريف ظاهرة التنمر المدرسي

تعددت تعريفات ظاهرة التنمر بتعدد الثقافات و الأنظمة التعليمية ، و سنحاول فيما يلي سرد بعض التعريفات التي أحاطت بأبعاد الظاهرة ومكوناتها.

أ‌- تعريف ويكيبيديا

يعرف موقع ويكيبيديا التنمر على أنه سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً ، جسديا أو نفسيا ، و يهدف إلى اكتساب السلطة على حساب شخص آخر . يمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمرا التنابز بالألقاب ، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة ، أو الإاقصاء المتعمد من الأنشطة ، أو من المناسبات الاجتماعية ، أو الإساءة الجسدية ، أو الإكراه . و يمكن أن يتصرف المتنمرون بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه . و يمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة أو لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل. يقترح مركز الولايات المتحدة الوطني لإحصاءات التعليم تقسيما ثنائيا للتنمر: تنمر مباشر، وتنمر غير مباشر والذي يُعرف أيضاً باسم العدوان الاجتماعي ، ويتميز هذا الأخير بتهديد الضحية بالعزل الاجتماعي ، وتتحقق هذه العزلة من خلال مجموعة واسعة من الأساليب ، بما في ذلك نشر الشائعات ، ورفض الاختلاط مع الضحية ، والتنمر على الأشخاص الآخرين الذين يختلطون مع الضحية ، ونقد أسلوب الضحية في الملبس وغيرها من العلامات الاجتماعية الملحوظة (مثل التمييز على أساس عرق الضحية ، أو دينه ، أو الإعاقة…

ب‌- تعريف دان ألويس

يعتبر دان ألويس النرويجي (Dan Olweus) – الأب المؤسس للأبحاث حول التنمر في المدارس . و يعرف ألويس التنمر المدرسي بأنه أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل: التهديد، التوبيخ، الإغاظة والشتائم، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل ، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدي مثل التكشير بالوجه أو الإشارات غير اللائقة، بقصد وتعمد عزله من المجموعة أو رفض الاستجابة لرغبته. وحسب ألويس فلا يمكن الحديث عن التنمر إلا في حالة عدم التوازن في الطاقة أو القوة (علاقة قوة غير متماثلة)؛ أي في حالة وجود صعوبة الدفاع عن النفس ، أما حينما ينشأ خلاف بين طالبين متساويين تقريبا من ناحية القوة الجسدية والطاقة النفسية ، فإن ذلك لا يسمى تنمرًا ، وكذلك الحال بالنسبة لحالات الإثارة والمزاح بين الأصدقاء ، غير أن المزاح الثقيل المتكرر، مع سوء النية واستمراره بالرغم من ظهور علامات الضيق والاعتراض لدى الطالب الذي يتعرض له، يدخل ضمن دائرة التنمر .

2- أبعاد الظاهرة

غالبا ما يتم التركيز حين الحديث عن ظاهرة التنمر على الطرف الضعيف أو المتنمر عليه ، و الذي يقع عليه الفعل الإكراهي المؤلم ، و يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على مساره الدراسي و صحته النفسية تصل في بعض الأحيان إلى درجة الانتحار . لكننا إذا نظرنا إلى الظاهرة من زاوية أخرى فسنجد ضحية أخرى لا يُلتَفت إليها غالبا ، تتمثل في الطفل أو مجموعة الطلاب المتنمرين الذين يتخذون صورة العنف سلوكا ثابتا في تعاملاتهم ، إنهم ضحايا سوء التنشئة الأسرية و الاجتماعية ، و كلا الضحيتان تحتاجان للعلاج النفسي والسلوكي ، فالمعتدِي والمعتدَى عليه عضوان أساسيان في المجتمع ، وإذا أهملنا الطفل المعتدِي ولم نقومه – تربويا وسلوكيا – سنعرض أطفالا آخرين للوقوع في نفس المشكلة ، و هكذا سنساهم في انتشار الظاهرة بصورة أكبر في المجتمع .

3- أسباب الظاهرة

ترجع الدراسات أسباب ظهور التنّمر في المدارس إلى التغيّرات التي حدثت في المجتمعات الإنسانية ، و المرتبطة أساسا بظهور العنف و التمييز بكل أنواعه ، واختلال العلاقات الأسرية في المجتمع ، وتأثير الاعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية ، وكثرة المهاجرين الفقراء الذين يسكنون الأحياء الفقيرة وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتُنمّرين على ضبط سلوكاتهم . و عموما يمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة التنمر في النقط التالية :

أ- الأسباب السيكوسوسيولوجية

في كثير من الأحيان ، ينحدر المتنمرون من الأوساط الفقيرة و من العائلات التي تعيش في المناطق المحرومة ، أو ما يسمى أحزمة الفقر ، و تعاني من مشاكل اقتصادية ، في ظل وضع سوسيولوجي يتسم باتساع الهوة و الفوارق بين الطبقات الاجتماعية . و من الناحية السيكولوجية عادةً ما يكون المتنمرون ، و خصوصا القادة منهم ، ذوي شخصيات قوية و من الشخصيات السيكوباثية psychopath المضادة للمجتمع ، و تكمن خطورة هذا النوع في إمكانية تحوله خارج المدرسة إلى مشروع مجرم يهدد استقرار المجتمع ، حيث غالبا ما يؤسس المتنمرون عصابات إجرامية أو ينضمون إلى عصابات إجرامية قائمة . إلى جانب ما ذكر ، يمكن أن يلجأ الطفل إلى العنف نتيجة مرضه واضطراباته السلوكية التي تحتاج إلى علاج وتدخّل من أشخاص مهنيين، مثل الأطباء النفسيين المختصين في الطب النفسي للأطفال أو الاختصاصيين النفسيين أو المرشدين في المدارس . فأحياناً تعود أسباب التنمر إلى اضطرابات نفسية قد تحتاج إلى علاج دوائي وهذا بالطبع يكون بعد أن يتم الكشف من قِبل طبيب نفسي ومن الأهمية أن يكون هذا الطبيب مختصاً في الطب النفسي للأطفال .

ب – الأسباب الأسرية

تميل الأسر في المجتمعات المعاصرة إلى تلبية الاحتياجات المادية للأبناء من مسكن وملبس ومأكل و تعليم جيد و ترفيه ، مقابل إهمال الدور الأهم الواجب عليهم بالنسبة للطفل أو الشاب ، ألا و هو المتابعة التربوية وتقويم السلوك وتعديل الصفات السيئة و التربية الحسنة . و قد يحدث هذا نتيجة انشغال الأب أو الأم أو هما معا عن تربية أبنائهما و متابعتهم ، مع إلقاء المسؤولية على غيرهم من المدرسين أو المربيات في البيوت . و إلى جانب الإهمال ، يعتبر العنف الأسري من أهم أسباب التنمر ، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري يطبعه العنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو الخدم ، لابد أن يتأثر بما شاهده أو ما مورس عليه . وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة ، يميل إلى ممارسة العنف والتنمّر على الطلبة الأضعف في المدرسة . كذلك الحماية الزائدة عن الحد تعيق نضج الأطفال وقد تظهر لديهم أنواع من الفوبيا كفوبيا المدرسة والأماكن المفتوحة لاعتمادهم الدائم على الوالدين ، فالحماية الأبوية الزائدة تقلل من شأن الطفل وتضعف من ثقته بنفسه وتشعره بعدم الكفاءة .

ج- الأسباب المرتبطة بالحياة المدرسية

ارتقى العنف في المدارس المعاصرة إلى مستويات غير مسبوقة ، وصلت حد الاعتداء اللفظي و الجسدي على المدرسين من طرف الطلاب و أولياء أمورهم ، حيث اندثرت حدود الاحترام الواجب بين الطالب ومعلمه ، مما أدى إلى تراجع هيبة المعلمين و تأثيرهم على الطلاب ، الأمر الذي شجع بعضهم على التسلط و التنمر على البعض الآخر ، تماما كما يقع في المجتمعات عندما تتراجع هيبة الدولة و المؤسسات . إلى جانب ذلك يمكن أن يؤدي التدريس بالطرق التقليدية التي تعتمد مركزية المدرس كمصدر وحيد للمعرفة و كمالك للسلطة المطلقة داخل الفصل ، إلى دفع هذا الأخير إلى اعتماد العنف و الإقصاء كمنهج لحل المشكلات داخل الفصل ، مما يخلق بيئة مناسبة لنمو ظاهرة التنمر . هذا بالإضافة إلى غياب الأنشطة الموازية داخل المدارس ، و اختزال الحياة المدرسية في الأنشطة الرسمية التي تمارس داخل الفصل في إطار تنزيل البرامج الدراسية .

د- الأسباب المرتبطة بالإعلام و الثورة التقنية

تعتمد الألعاب الإلكترونية عادة على مفاهيم مثل القوة الخارقة وسحق الخصوم واستخدام كافة الأساليب لتحصيل أعلى النقاط والانتصار دون أي هدف تربوي ، لذلك نجد الأطفال المدمنين على هذا النوع من الألعاب ، يعتبرون الحياة اليومية بما فيها الحياة المدرسية ، امتدادا لهذه الألعاب ، فيمارسون حياتهم في مدارسهم أو بين معارفهم والمحيطين بهم بنفس الكيفية . وهنا تكمن خطورة ترك الأبناء يدمنون ألعاب العنف ، لذلك ينبغي على الأسرة عدم السماح بتقوقع الأبناء على هذه الألعاب والسعي للحد من وجودها ، كما ينبغي على الدولة أن تتدخل وتمنع انتشار تلك الألعاب المخيفة ولو بسلطة القانون لأنها تدمر الأجيال وتفتك بهم . و إلى جانب الألعاب الإلكترونية ، و بتحليل بسيط لما يعرض في التلفاز من أفلام – سواء كانت موجهة للكبار أو الصغار – نلاحظ تزايد مشاهد العنف و القتل الهمجي و الاستهانة بالنفس البشرية بشكل كبير في الآونة الأخيرة ، و لا يخفى على أحد خطورة هذا الأمر خصوصا إذا استحضرنا ميل الطفل إلى تصديق هذه الأمور و ميله الفطري إلى التقليد و إعادة الإنتاج .

4- علاج الظاهرة

أول خطوة لعلاج هذه المشكلة هو الاعتراف بوجودها ، تليها مرحلة التشخيص للوقوف على حجم هذه الظاهرة في مدارسنا و تحديد المستويات الدراسية التي تنتشر فيها أكثر من غيرها ، و معرفة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التنمر . عندئذ يمكننا أن نعمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة التي تنتشر أكثر في الدول الغربية بسبب التغييرات التي تحدث في المجتمعات وتأثير الإعلام الذي غيّر كثيراً من سلوكيات الأطفال والمراهقين ، و امتد تأثيره ليشمل حتى سلوكيات البالغين . و في الخليج العربي ، تعتبر الوقاية من التنمر في المدارس أحد برامج الخطة الجديدة لـ”اليونيسف” في المنطقة للمرحلة : 2014-2017، والهدف الرئيسي لهذا البرنامج هو الوصول لمدارس خالية من التنمر لضمان بيئةٍ آمنةٍ للأطفال.

أ- العلاج الأسري

تعتبر الأسرة البيئة الأولى التي تؤثر في سلوك الطفل ، و هي بذلك تكتسي أهمية بالغة في ترتيب المتدخلين في علاج ظاهرة التنمر ، و ليكون التدخل الأسري فعالا ، لابد من التروي و عدم العجلة في الحكم على سلوك الطفل و وصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية و تتم دراسة المشكلة من جميع الجوانب ، و استشارة جميع المتدخلين في حياة الطفل ، بما في ذلك بحث الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الطفل في المدرسة فيما يخص التحصيل الدراسي ، و التي يمكن أن تكون وراء سلوكه العدواني . و في حالة ثبوت تنمر الطفل ، يجب مناقشته بهدوء و تعقل ، و استفساره حول الأسباب التي تجعله يسلك هذا المنحى تجاه أقرانه ، وتوضيح مدى خطورة هذا السلوك ، و آثاره المدمرة على الضحية . و في جميع الأحوال ، يجب تفادي وصف الطفل بالمعتدي أو المتنمر أو أي نعت قادح أمام زملائه ، لأن ذلك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية وخيمة ، كما يجب على الآباء عدم اختلاق الأعذار للطفل والتبرير لأفعاله وبخاصة أمام المعلمين و الزملاء . من جهة أخرى ، ينبغي التحكم فيما يشاهده الطفل في التلفاز ، و تذكير الأطفال بوجوب احترام مشاعر الآخرين ، بمناسبة عرض مشاهد لأشخاص يتعرضون لمواقف مضحكة أو محرجة ، وإقناعهم أن هذه الأمور غير مسلية وشرح شعور الآخرين إذا ما كانوا ضحايا لمثل هذه التصرفات. و عموما ، ينبغي على الوالدين التعامل مع الموضوع بجدية لأن الأطفال الذين يتنمرون على الآخرين عادة ما يواجهون مشاكل خطيرة في حياتهم المستقبلية ، وقد يواجهون اتهامات جنائية ، وقد تستمر المشاكل في علاقاتهم مع الآخرين . أما في حالة كان الابن ضحية للتنمر ، فيجب على الوالدين إبلاغ الإدارة ، والشروع في تعليم الطفل مهارات تأكيد الذات ، ومساعدته على تقدير ذاته من خلال تقدير مساهماته و إنجازاته ، وفي حال كان منعزلا اجتماعيا بالمدرسة فيجب إشراكه بنشاطات اجتماعية تسمح له بالاندماج مع الآخرين وبناء ثقته بنفسه.

ب- العلاج المدرسي

إن التعامل الأمثل مع التنمر المدرسي يتم من خلال تطوير برنامج مدرسي واسع comprehensive wide programs بالتعاون بين الإدارة التربوية والطلبة والمعلمين وأولياء الأمور والمجتمع المدني ، بحيث يكون هدف هذا البرنامج هو تغيير ثقافة المدرسة ، وتأكيد الاحترام المتبادل ، والقضاء على التنمر ومنع ظهوره. و من المفيد جدا في هذه الحالة الانطلاق من برنامج ألويس لمكافحة التنمر الذي تم تطويره في الثمانينيات من قبل العالم النفسي النرويجي دان ألويس ( Dan Olweus ) . ويهدف البرنامج لمكافحة التنمر ومساعدة الأطفال على العيش بشكل أفضل و جعل بيئة المدرسة أكثر ايجابية . وقد استخدم برنامج ألويس في أكثر من اثني عشرة دولة على نطاق العالم و قد أظهرت الدراسات أن حالات التنمر في المدارس التي استخدمت هذا النظام قد تراجعت بنسبة 50% خلال عامين . و يعتبر أهم جزء في برنامج ألويس هو تشجيع شهادة الشهود أو ” الغالبية المهتمة ” من الطلبة الذين لم يتعرضوا للتنمر و لم يقوموا بالتنمر على أحد ، و يتم تطبيق هذا البرنامج على مدى عدة سنوات ، تتخللها وقفات لتقويم النتائج و لقياس مدى فعاليته في التقليل من انتشار ظاهرة التنمر والتخفيف من حدة آثارها.
و ليكون البرنامج العلاجي فعالا ، لابد أن يشمل الأمور التالية : – – توعية المعلمين والأهالي والطلبة بماهية سلوك التنمر و خطورته . – إشراك المجتمع المدني و الشركاء المؤسساتيين للمدرسة في محاربة الظاهرة . – إدراج التربية على المواطنة و السلوك المدني في المناهج الدراسية . – تشديد المراقبة و اليقظة التربوية للرصد المبكر لحالات التنمر. – وضع برامج علاجية للمتنمرين بالشراكة مع المختصين في علم النفس. – وضع ميثاق للفصل يوضح حقوق جميع الأطراف و واجباتهم على شكل التزام يشارك الجميع في صياغته و التوقيع عليه. – تنظيم أنشطة موازية تهتم بتنمية الثقة بالنفس و تأكيد و احترام الذات. – تشجيع الضحايا على التواصل مع المختصين في حالة تعرضهم لسلوكيات التنمر. – إثارة النقاشات في الفصل و استغلال اللعب البيداغوجي من خلال لعب دور الضحية للإحساس بشعورها في موقف التنمر.
المصدر 
https://www.new-educ.com/intimidation-scolaire
All the best 

Mangrove

Mangrove

Mangroves

What is a Mangrove?

Mangroves are trees that grow in tropical and subtropical intertidal zones. These areas are tough places for plants to grow. During low tides intertidal zones are exposed to air. During high tides they’re covered by salt water. They flood frequently. The soil is poor. But mangrove trees survive and even thrive in these harsh conditions. Big groups of mangroves and other plants that live here are called mangrove swamps, mangrove forests, and sometimes simply mangal.

All Over the World

Mangrove Healthy mangrove growing in harsh, tropical environment in Australia.
©G.Ellis/GLOBIO.org
Mangroves live in more than two-thirds of the saltwater coast areas of tropical and subtropical Africa, Asia, Australia, and North and South America. They’re found only in a thin fringe right along the coast. Altogether, mangal covers 172,000 km2. That’s an area slightly larger than the state of Florida, USA.

Survival of the Few

High Tide At high tide many different animals can move in and out of the mangrove easily. Food sources also move in and out with the tide.
©G.Ellis.GLOBIO.org
Not many plants can make it in the mangal. Only about one hundred plant species are found in most mangrove swamps. Some swamps are home to only one or two species! (The rain forest, on the other hand, has many thousands.) Ferns live in mangrove swamps, as well as some kinds of pine and palm trees.

Please Pass the Salt

White Mangrove White mangroves survive in the very salty mangrove waters because they can get rid of the salt through the glands in their leaves.
©K.Campbell/GLOBIO.org
The plants that do survive have “tricks” up their sleeves called adaptations to deal with the special challenges. One of the biggest challenges is the salinity, or the amount of salt in the water. The water in a mangrove swamp is so salty it would kill most plants. But the roots of red mangroves contain a waxy substance that helps keep salt out. The salt that does get through this barrier is sent to old leaves that the trees then shed. It’s like taking the trash to the curb so the garbage truck can haul it away.
White mangrove trees have glands in their leaves that let salt pass from the inside of the tree to the outside. The leaves become speckled with white salt crystals, which is how they got their name.

Rain, Rain, DON’T Go Away!

Red Mangroves Red mangroves are one of four mangrove species in the world. The other three mangrove species are white, black and buttonwood.
©G.Ellis/GLOBIO.org
Just as mangroves can keep salt out, they have other adaptations to keep freshwater in. They can close up the pores in their leaves. They can also turn their leaves away from the sun to keep from drying out.
All of the plants found only in mangroves are woody and tree-like. They tend to be short with tough, evergreen leaves – another adaptation that keeps the moisture in.

Take a Deep Breath. Well, Try.

Lack of oxygen is a huge challenge in mangrove forests. The soil is covered with salt water every time the tide comes in. Salt water’s low oxygen level means bacteria can thrive. These bacteria free up chemicals and substances harmful to plants, like phosphates, sulfides, and methane.
So mangrove trees grow fancy systems of roots that make the trees look as if they’re growing on a bunch of stilts. The roots “breathe” through knobby holes called lenticels (LEN-tuh-sels). They take in carbon dioxide directly from the air, instead of from the soil like other plants.

Let’s Root for the Roots

Mangrove Roots Mangrove roots provide shelter for animals and supports the ground around the roots.
©M.Campbell/GLOBIO.org
The tangle of mangrove roots offers safe habitats for fish, shrimp, and oysters. The roots help stop erosion by anchoring the ground and also lessening the effects of the waves. They prevent silt from damaging reefs and sea grass beds. They trap sediments that can contain dangerous heavy metals, keeping them away from inland waters and fragile animal (and human) populations.

Manatees, Monkeys and a Fishing Cat

Birds Many different birds depend on the mangrove forest. The birds build nests on the mangrove branches every year and their chicks will do the same when they are older.
©K.Campbell/GLOBIO.org
Mangrove forests are nesting grounds for hundreds of species of birds. They’re home to manatees, monkeys, turtles, fish, monitor lizards, and, in parts of Asia, the fishing cat. In Florida, mangroves shelter endangered species such as hawksbill turtles, bald eagles, and American crocodiles.

Mangroves for Many Uses

Millions of people in developing parts of the world where mangroves flourish rely on the mangal for a huge portion of their daily needs. They use mangrove wood for fuel and to build boats and furniture. They use the bark for dye and medicine. They use leaves for tea and animal feed and the fruit for food. These coastal swamps protect property and lives during storms and hurricanes by acting as a buffer against the winds and waves.

Harshest Threat: Humans

Mangrove trees survive harsh natural conditions, but threats from pollution and industry are an even bigger problem. The land where mangroves live has often been sold cheaply to businesses, which cut down many of the trees. Sewage, weed-killers, and spilled oil are extremely unhealthy for the mangroves.
Red Mangrove cleared away Red mangrove cleared to make way for human development. Many animals and plants depend on mangroves and cannot survive without them.
©G.Ellis/GLOBIO.org
Garbage Human destruction of an environment can come in many forms: cutting forests, air pollution and littering. Candy wrappers and other garbage thrown into the mangrove pollute water and harm animals.
©M.Campbell/GLOBIO.org
As human activity around mangroves increases, more and more mangrove forestland is lost. Dredging coastal areas and filling them in to make them suitable for building also leads to destruction of mangroves. Artificial dikes cause long-term flooding that the mangroves simply cannot handle. Thousands of acres have been cut down to make room for the artificial ponds required by the shrimp industry.
Even the beauty of mangrove swamps threatens them. More tourists are coming to see them, and with more tourism comes more garbage, along with air and water pollution.

A Global Rescue Mission

Once a mangrove forest Mangroves do not recover quickly from severe damage. This mangrove forest in Honduras never recovered from the destruction caused by the development of a shrimp farm.
©Francesco Cabras / Greenpeace
According to some experts, half of the world’s mangrove swamps have already been lost. So is all hope lost? Not at all. Environmental activists are raising awareness of mangrove swamps’ unique features and benefits around the world. They are trying to pass laws to protect mangroves, and to encourage people to stop buying shrimp grown in areas where mangroves once used to thrive.
The Mangrove Replenishment Initiative (MRI) could make a difference around the world. One of MRI’s goals is to research and develop effective ways of replanting mangrove forests. Growing these trees from seeds, from the ground up, is difficult. It’s not enough to drop seeds and hope for the best.
The Forestry and Agriculture Organization of the United Nations is also involved in studying ways to preserve mangroves. In Belize, where increased population and the construction of homes threatened mangrove swamps, an educational workshop helped to raise the residents’ awareness of the true value of the mangroves. A similar program might be introduced in Malaysia.
Mangrove restoration A local Ecuadorian woman plants red mangrove seedlings to restore the forest that had been cut down to develop an area for shrimp farming.
©Clive Shirley/Greenpeace
In Florida, the Mangrove Trimming and Preservation Act makes it illegal to use poisonous chemicals in mangroves. People need a permit from the government before they can disturb mangroves in any way.

good lucck

mohamed Ali

Monday, January 20, 2020

ادوات المعامل lab glassware

كل ما يخص المعامل 

1- ادوات معمليه 
2- زجاجيات 
3- بلاستيكات 
4- سرنجات طبيه زجاج وبلاستيك
5- كيمياويات المعامل 
6- تصنيع زجاجيات
7-  للمبات الاشعه الفوق بنفسجيه والضوء المرئي للاستخدام فى تفاعلات الكيمائ الضوئيه 


Top 10 Environmental Issues

Environment is a resource, which is being consumed at an exponential rate. Unfortunately, this resource cannot be quickly and easily replenished. This has led to a lot of environmental concerns and issues which need to be dealt with on a war footing. The global scenario today is fraught with drought, famines, floods and natural calamities. The frequency of such occurrences is increasing in a dramatic fashion. Here we take a look at what are the top 10 environmental issues the world is facing today. Most of them are interlinked and might have the same cause. They are listed separately as the strategies that need to be undertaken to combat them might be different.

Climate Change

This is one of the most talked about environmental issues in the world. Given legitimacy by Al Gore and his documentary "The Inconvenient Truth", climate change around the world remains a cause of major concern. It has wreaked havoc on some ecosystems around the world.  The Inuits are one of the main races to be affected by the climate change phenomena. Their first hand reports complain of rising temperatures in summers, winters not being cold enough and the freezing land mass that cause home getting smaller every year. Climate change has bought upon severe droughts in some regions. This affects their cultivation, both in pattern and quantity. The entire world is affected by it, which are far reaching in nature. Its effects are not just deadly for human beings but also for other species inhabiting this planet.

Waste Management

Closely linked with the rapidly growing population across the world and the rate of consumption, waste, and its management has become a major issue around the world. Waste is created in many forms, which can be broadly categorized in two forms. Some waste is bio-degradable and some not so. Just the quantum of waste that is created everyday on our planet is proving to be a major source of concern. The problem takes root in our lifestyle, which is fast moving and callous in thought and action. We need to shift our focus to reuse instead of the throwing out option. This problem manifests itself more clearly around most urban regions of the world. Quick fix solutions of landfill sites and recycling centers are not proving enough to combat it. In fact, overflowing 

Tuesday, April 10, 2012

Hydrothermal Vent


Habitats: Hydrothermal Vent - Characteristics

Hydrothermal Vent
Hydrothermal Vent
ALVIN, an ONR-research submersible (a small submarine) operated by Woods Hole Oceanographic Institute, made an amazing discover in 1977. While diving nearly 8,000 feet (2,400 meters) on the East Pacific Rise near the Pacific Ocean's Galapagos Islands, the submersible and its three passengers happened upon a hydrothermal vent, the first ever seen by humans! Completely isolated from the world of light, whole communities of organisms (creatures) live in places where warm water flows from chimneys in the ocean floor. These vents are found in some of the deepest places in the ocean, far beyond the reach of normal submarines or divers.

                
Hydrothermal vents are formed where two oceanic plates pull apart and erupting lava replaces the sea floor.





In these areas, extremely hot, mineral-rich fluid flows out from underneath the ocean floor's surface. The hot fluid flows into very cold water, usually 2 C, and cools down quickly. The cooled minerals in the fluid settle around the vent opening creating chimney-like formations. Some chimneys have been known to grow as tall as 6 kilometers!



Cold seeps are areas similar to hydrothermal vents. Though the cold seep waters are about the same temperature as the surrounding waters, they are called cold seeps in contrast to the extremely hot fluids from hydrothermal vents. The cold seeps support organisms similar to the hydrothermal vents though the  exact make-up of the biological community surrounding them depends on the chemicals, such as hydrogen sulfide, methane, iron, manganese and silica, found in the cold-seep fluid.


Habitats: Hydrothermal Vent - Characteristics

Tubeworms in the Pacific Ocean.
Tubeworms in the Pacific Ocean
(courtesy of NURP)
Although hydrothermal vents are what we would consider a harsh environment, they are teeming (abundant) with life. As long as the vents remain active, which is usually one to two years, animals thrive there. In fact, more than 300 species live around the vents and are unique to this type of environment. These creatures, including tubeworms, fish, crabs, shrimp, clams, anemones and chemosynthetic bacteria, have learned to survive the complete darkness, the extremely hot vent water and the tremendous water pressure.


Mussels, worms and spider crabs in a seep community of the Gulf of Mexico.
Mussels, worms and spider crabs in a seep community of the Gulf of Mexico.
(courtesy of NURP)
At such depths, sunlight is unable to penetrate and allow plants to photosynthesize. Thus, they cannot be the basis of the food chain as they are for us and for every other creature with which we normally come in contact. Animals at these depths depend on bacteria that are able to convert sulfur found in the vent's fluids into energy through chemosynthesis. Larger animals then eat the chemosynthetic bacteria or eat the animals that eat the bacteria. In other vent creatures, the chemosynthetic bacteria live inside their bodies. Some organisms, such as the tubeworms, that live around the vents do not have a mouth or even a digestive tract as we do. The bacteria actually live inside their bodies and provide nutrients directly to the organisms' tissues.



Habitats: Hydrothermal Vent - Humans & the Environment

If hydrothermal vents were closer to the surface, mining copper, manganese, and even gold from them could be quite profitable, but they are far too deep in the ocean for this to be profitable. Even if it were, such activities would destroy this unique habitat. Bacteria discovered around these vents has already begun helping break down dangerous hydrogen sulfide waste from industrial processes, and treatment with sulfer-eating microbes is allowing gold to be extracted from some rocks more easily. Some scientists have suggested that life actually began millions of years ago around hydrothermal vents.
These hydrothermal vent fields exist far from the normal activities of humans, in areas so difficult to get to that the vents were completely unknown until 1977. At the present time only a handful of extremely expensive exploration submarines can even reach them. Even with all of the valuable metals that can be found around these vents, it is still too expensive to make mining them worthwhile.




Friday, November 25, 2011

Mangrove

Mangrove

What is a Mangrove?
Mangroves are trees that grow in tropical and subtropical intertidal zones. These areas are tough places for plants to grow. During low tides intertidal zones are exposed to air. During high tides they’re covered by salt water. They flood frequently. The soil is poor. But mangrove trees survive and even thrive in these harsh conditions. Big groups of mangroves and other plants that live here are called mangrove swamps, mangrove forests, and sometimes simply mangal.
All Over the World
Healthy mangrove growing in harsh, tropical environment in Australia.
©G.Ellis/GLOBIO.org
Mangroves live in more than two-thirds of the saltwater coast areas of tropical and subtropical Africa, Asia, Australia, and North and South America. They’re found only in a thin fringe right along the coast. Altogether, mangal covers 172,000 km2. That’s an area slightly larger than the state of Florida, USA.
Survival of the Few
At high tide many different animals can move in and out of the mangrove easily. Food sources also move in and out with the tide.
©G.Ellis.GLOBIO.org
Not many plants can make it in the mangal. Only about one hundred plant species are found in most mangrove swamps. Some swamps are home to only one or two species! (The rain forest, on the other hand, has many thousands.) Ferns live in mangrove swamps, as well as some kinds of pine and palm trees.
Please Pass the Salt
White mangroves survive in the very salty mangrove waters because they can get rid of the salt through the glands in their leaves.
©K.Campbell/GLOBIO.org
The plants that do survive have “tricks” up their sleeves called adaptations to deal with the special challenges. One of the biggest challenges is the salinity, or the amount of salt in the water. The water in a mangrove swamp is so salty it would kill most plants. But the roots of red mangroves contain a waxy substance that helps keep salt out. The salt that does get through this barrier is sent to old leaves that the trees then shed. It’s like taking the trash to the curb so the garbage truck can haul it away.
White mangrove trees have glands in their leaves that let salt pass from the inside of the tree to the outside. The leaves become speckled with white salt crystals, which is how they got their name.
Rain, Rain, DON’T Go Away!
Red mangroves are one of four mangrove species in the world. The other three mangrove species are white, black and buttonwood.
©G.Ellis/GLOBIO.org
Just as mangroves can keep salt out, they have other adaptations to keep freshwater in. They can close up the pores in their leaves. They can also turn their leaves away from the sun to keep from drying out.
All of the plants found only in mangroves are woody and tree-like. They tend to be short with tough, evergreen leaves – another adaptation that keeps the moisture in.
Take a Deep Breath. Well, Try.
Lack of oxygen is a huge challenge in mangrove forests. The soil is covered with salt water every time the tide comes in. Salt water’s low oxygen level means bacteria can thrive. These bacteria free up chemicals and substances harmful to plants, like phosphates, sulfides, and methane.
So mangrove trees grow fancy systems of roots that make the trees look as if they’re growing on a bunch of stilts. The roots “breathe” through knobby holes called lenticels (LEN-tuh-sels). They take in carbon dioxide directly from the air, instead of from the soil like other plants.
Let’s Root for the Roots
Mangrove roots provide shelter for animals and supports the ground around the roots.
©M.Campbell/GLOBIO.org
The tangle of mangrove roots offers safe habitats for fish, shrimp, and oysters. The roots help stop erosion by anchoring the ground and also lessening the effects of the waves. They prevent silt from damaging reefs and sea grass beds. They trap sediments that can contain dangerous heavy metals, keeping them away from inland waters and fragile animal (and human) populations.
Manatees, Monkeys and a Fishing Cat
Many different birds depend on the mangrove forest. The birds build nests on the mangrove branches every year and their chicks will do the same when they are older.
©K.Campbell/GLOBIO.org
Mangrove forests are nesting grounds for hundreds of species of birds. They’re home to manatees, monkeys, turtles, fish, monitor lizards, and, in parts of Asia, the fishing cat. In Florida, mangroves shelter endangered species such as hawksbill turtles, bald eagles, and American crocodiles.
Mangroves for Many Uses
Millions of people in developing parts of the world where mangroves flourish rely on the mangal for a huge portion of their daily needs. They use mangrove wood for fuel and to build boats and furniture. They use the bark for dye and medicine. They use leaves for tea and animal feed and the fruit for food. These coastal swamps protect property and lives during storms and hurricanes by acting as a buffer against the winds and waves.
Harshest Threat: Humans
Mangrove trees survive harsh natural conditions, but threats from pollution and industry are an even bigger problem. The land where mangroves live has often been sold cheaply to businesses, which cut down many of the trees. Sewage, weed-killers, and spilled oil are extremely unhealthy for the mangroves.
Red mangrove cleared to make way for human development. Many animals and plants depend on mangroves and cannot survive without them.

Human destruction of an environment can come in many forms: cutting forests, air pollution and littering. Candy wrappers and other garbage thrown into the mangrove pollute water and harm animals.
©M.Campbell/GLOBIO.org
As human activity around mangroves increases, more and more mangrove forestland is lost. Dredging coastal areas and filling them in to make them suitable for building also leads to destruction of mangroves. Artificial dikes cause long-term flooding that the mangroves simply cannot handle. Thousands of acres have been cut down to make room for the artificial ponds required by the shrimp industry.
Even the beauty of mangrove swamps threatens them. More tourists are coming to see them, and with more tourism comes more garbage, along with air and water pollution.
A Global Rescue Mission
Mangroves do not recover quickly from severe damage. This mangrove forest in Honduras never recovered from the destruction caused by the development of a shrimp farm.
©Francesco Cabras / Greenpeace
According to some experts, half of the world’s mangrove swamps have already been lost. So is all hope lost? Not at all. Environmental activists are raising awareness of mangrove swamps’ unique features and benefits around the world. They are trying to pass laws to protect mangroves, and to encourage people to stop buying shrimp grown in areas where mangroves once used to thrive.
The Mangrove Replenishment Initiative (MRI) could make a difference around the world. One of MRI’s goals is to research and develop effective ways of replanting mangrove forests. Growing these trees from seeds, from the ground up, is difficult. It’s not enough to drop seeds and hope for the best.
The Forestry and Agriculture Organization of the United Nations is also involved in studying ways to preserve mangroves. In Belize, where increased population and the construction of homes threatened mangrove swamps, an educational workshop helped to raise the residents’ awareness of the true value of the mangroves. A similar program might be introduced in Malaysia.
A local Ecuadorian woman plants red mangrove seedlings to restore the forest that had been cut down to develop an area for shrimp farming.
©Clive Shirley/Greenpeace
In Florida, the Mangrove Trimming and Preservation Act makes it illegal to use poisonous chemicals in mangroves. People need a permit from the government before they can disturb mangroves in any way.
What Can You Do?
How can you do your part to save the mangroves and the rich variety of life that depends on them?
  • Find out more at your local library, or go online.
  • Get people interested in mangroves. (Weird trees, endangered animals, native populations in trouble—shouldn’t be too hard!) 
  • Don’t buy shrimp raised on former mangrove land. Be an all-around friend to the environment.
  • Donate money to the Mangrove Action Project Web site TK.
good luck 
mohamed hassaan

Tuesday, July 12, 2011

Green Sea Turtle

Green Sea Turtle

 
 Characteristics


Name

Green Sea Turtles get their name from the color of their body fat, which is green from the algae or grasses they eat. The Hawaiian Green Sea Turtle population, is known by its Hawaiian name Honu

History

Green Sea Turtles are reptiles whose ancestors evolved on land and returned to the sea to live. The first turtles appeared during the Triassic period, 245 to 208 million years ago. Fossils for the earliest known sea turtles appear in the Late Jurassic period, 208 to 144 million years ago. Turtles are one of the few species that watched the dinosaurs evolve and become extinct



As reptiles, sea turtles possess the following traits

They are cold-blooded, meaning they get their body heat from the
environment
They breathe air
Their skin is scale

Status

Now, scientists recognize seven species of these marine reptiles. The recognized sea turtle species are as follows: Greens, Hawksbill, Kemp's Ridley, Olive Ridley, Loggerhead, Flatback and Leatherback. The Loggerhead Sea Turtle is listed as threatened, the Flatback is listed as vulnerable, and all other species are listed as endangered. Green Sea Turtle populations of Hawaii are threatened and protected in Hawaii under state law. Populations of Green Sea Turtles off the coast of Florida and the Pacific coast of Mexico are listed as endangered. Green Sea Turtles are protected by the federal Endangered Species Act, and listed under the Convention on International Trade of Endangered Species CITES. CITES makes it illegal to import or export turtle products

Shell

In addition to their reptilian traits, all species of turtles except the Leatherback have evolved a bony outer shell, which protects them from predators. The Leatherback is the only soft-shelled sea turtle and is in a family by itself. The shell covers the dorsal (back) and ventral (belly) surfaces of a sea turtle. The dorsal portion of the shell is the carapace and is covered with scale-like structures called scutes, while the ventral portion of the shell is known as the plastron. Experts can identify species of sea turtles by the number and pattern of scutes on the carapace. The shell is considered the most highly developed protective armor of any vertebrate species. While most land turtles can retract their heads into their shells for added protection, sea turtles cannot and their heads remain out at all times

Color

Green Sea Turtles have green flesh. The carapace is olive brown to black, while the plastron is pale yellow to creamy white. The carapace is molted, variegated in color. Rarely will you find a Green Sea Turtle with a solid colored shell. Counter-shading of the shell conceals the turtle from predators, making it difficult to distinguish the dark carapace from the sea floor and the light plastron from the lighter sky

Size

Green Sea Turtles as hatchlings weigh about an ounce and have a carapace length of 2 inches. A sexually mature green sea turtle weighs 200-350 pounds with a carapace length of 2.5 feet. Adults grow to a carapace length of 3.5 feet and weigh an average of 400 pounds. One of the largest turtles that ever lived from the Late Cretaceaus period, 144 to 65 million years ago, reached a length of 9.8-13 feet

Lifespan

The lifespan of sea turtles is not known. It is believed that Green Sea Turtles reach sexual maturity around the age of 25 years and can live up to 80 years of age. The long period of maturation helps to explain why it takes turtles so many years to recover from a population decline

Shape

Sea turtles are wonderfully adapted to life in the ocean. Their shells are lighter and more streamlined than land turtles. Front and rear limbs have evolved into flippers. These flippers make sea turtles efficient and graceful swimmers, capable of swimming long distances in a short time

 Adaptation
 
Speed & Diving

With their efficient body shape, Green Sea Turtles have been known to move through the water as fast as 35mph. When active, sea turtles swim to the surface to breathe every few minutes. When sleeping or resting, adult sea turtles can remain underwater for more than 2 hours. Turtles are capable of containing higher concentrations of carbon dioxide in their blood than most other breathing animals. This enables them to use their oxygen more efficiently and stay underwater longer. Juvenile sea turtles have not developed this ability and must sleep afloat at the water's surface

Feeding

Juvenile Green Sea Turtles are omnivorous, eating plants and animals. Their diet consists of jellyfish, shrimp, plankton and algae. Adult Green Sea Turtles are primarily herbivores, eating only plants, but they have been observed eating jellyfish and other easy-to-catch marine life. They feed on nearshore sea grass and algae pastures. Similar to cows, Green Sea Turtles depend on bacteria in their guts for digestion of plant material



Green Sea Turtle -courtesy of Kathy Streeter, New England Aquarium


Distribution and Habitat

Green Sea Turtles are distributed throughout the world's oceans between 35 degrees north and south latitude. They are found in the eastern and western hemispheres and nest on beaches throughout the Atlantic, Pacific and Indian Oceans. Green Sea Turtles enjoy warm, tropical and subtropical, shallow water near continental coasts and around islands where the sea grass is plentiful

Population

There were once several million Green Sea Turtles worldwide. Today, fewer than 200,000 nesting females are thought to remain. In Hawaii in 1992, the estimate of mature female green turtles associated with the French Frigate Shoals was set at roughly 750

Reproduction

Although Green Sea Turtles live most of their life in the ocean, adult females must return to land to lay their eggs. Upon sexual maturity, the Green Sea Turtle makes an amazing journey every two or three years to nest. They leave their feeding grounds and migrate as far as 800 miles to their nesting beaches. Biologists believe that nesting female turtles return to the same beach where they were born. This beach is called a natal beach. Males do not accompany the females, but they congregate at the breeding grounds. The males will mate with the females off the shores of the nesting beaches. The most popular nesting beaches are on French Frigate Shoals, where 90% of the Hawaiian population of Green Sea Turtles mate and lay their eggs



Green Sea Turtles-courtesy of Kathy Streeter, New England Aquarium

Green Sea Turtles nest only at night. After 7-10 weeks gestation period, the females pull themselves out of the water to the dry sand of the upper beach. Here, she uses her front flippers to dig a broad pit and her rear flippers to excavate an egg chamber. She then lays her clutch, which consists of 100-120 ping-pong sized, leathery-skinned eggs, in the egg chamber and carefully covers them with sand. Females lay up to five or six clutches of eggs in a breeding season. Once she buries the pit and disguises the location, her parenting job is complete. She returns to sea leaving her young to fend for themselves

Hatching occurs at night and begins in July after about 60 days of incubation. Studies indicate that the temperature of the eggs during incubation influences the sex of the baby sea turtles. At 82 degrees F, hatchlings are male. At 90 degrees F, hatchlings are female. Baby sea turtles are able to chip through the eggshell with a structure called an egg tooth, a temporary hard protuberance on their beaks. Working as a group, the hatchlings dig to the surface of the nest and instantly head to the water, attracted to the moon's light reflecting on the ocean's surface. Therefore, artifical lights on nesting beaches can confuse the hatchlings and cause them to lose their way. Sharks, reef fish, birds and mammals all pose predator threats upon hatchlings. Once they reach the ocean, the hatchlings remain at sea until they appear as juveniles in the near-shore waters. Only 1 or 2 out of 100 hatchlings will survive the first year

Predators

With their efficient mobility in the water and their size, adult Green Sea Turtles have only two known predators: sharks and man. Tiger sharks feed regularly on Green Sea Turtles. Man has been the greatest predator of the sea turtle, killing it for its meat, shell, and eggs while driving it almost to extinction

Other Threats

There are many threats to Green Sea Turtles beyond that of predators. Entanglement in commercial shrimp nets trap and drown more than 10,000 sea turtles each year. Litter and other marine debris can be deadly when they entangle the turtles or are mistaken for food and ingested. Nesting grounds are lost each year to coastal development, leaving females without a familiar place to lay their eggs. Noise, lights and beach obstructions disrupt nesting areas and threaten this critical part of the sea turtle's life cycle. The recent presence of a disease called fibropapilloma has affected Green Sea Turtle populations in Hawaii as well as Florida. Fibropapilloma causes the growth of large tumors on the soft tissue of the turtles. The exact cause of the disease is not known. Scientist suspect that a virus, parasite or the effect of marine pollution may be involved.

good luck
 
Mohamed Hassaan

Monday, April 25, 2011

Top 10 Environmental Issues

Top 10 Environmental Issues

Environment is a resource, which is being consumed at an exponential rate. Unfortunately, this resource cannot be quickly and easily replenished. This has led to a lot of environmental concerns and issues which need to be dealt with on a war footing. The global scenario today is fraught with drought, famines, floods and natural calamities. The frequency of such occurrences is increasing in a dramatic fashion. Here we take a look at what are the top 10 environmental issues the world is facing today. Most of them are interlinked and might have the same cause. They are listed separately as the strategies that need to be undertaken to combat them might be different.

Climate Change

This is one of the most talked about environmental issues in the world. Given legitimacy by Al Gore and his documentary "The Inconvenient Truth", climate change around the world remains a cause of major concern. It has wreaked havoc on some ecosystems around the world. The Inuits are one of the main races to be affected by the climate change phenomena. Their first hand reports complain of rising temperatures in summers, winters not being cold enough and the freezing land mass that cause home getting smaller every year. Climate change has bought upon severe droughts in some regions. This affects their cultivation, both in pattern and quantity. The entire world is affected by it, which are far reaching in nature. Its effects are not just deadly for human beings but also for other species inhabiting this planet.

Waste Management

Closely linked with the rapidly growing population across the world and the rate of consumption, waste, and its management has become a major issue around the world. Waste is created in many forms, which can be broadly categorized in two forms. Some waste is bio-degradable and some not so. Just the quantum of waste that is created everyday on our planet is proving to be a major source of concern. The problem takes root in our lifestyle, which is fast moving and callous in thought and action. We need to shift our focus to reuse instead of the throwing out option. This problem manifests itself more clearly around most urban regions of the world. Quick fix solutions of landfill sites and recycling centers are not proving enough to combat it. In fact, overflowing landfill sites, especially in the developing economies around the world, are causing more serious health and environmental issues in the region. A change in perspective and a change in lifestyle are needed to deal with this issue at hand.

Biodiversity and Land Use

The term biodiversity essentially means variety of life that exists in any given area. Today with growing population and growing demand for the basic needs, biodiversity is threatened in many regions around the world. High demand for food, clothing and shelter has led to a skewed land use pattern. More land is coming under cultivation which may lead to problems of water shortage and land salinization. This also leads to other problems like excessive mining for example. Irreparable damage is caused to other natural resources and ecosystems to fulfill this demand for more. Land use patterns are changing across the world. They might be for cultivation of food or grains or even trees, but the effects of such changes have a lasting and damaging effect on the environment making them serious environmental issues.

Consumption

This is a major issue that might be seen as a cause of many other environmental issues. According to some, if every human starts consuming the same amount as the developed world consumes, we will need resources of at least four earths in a year! Consumption can be dealt with in a very effective way. We definitely cannot reduce the population of the earth overnight, but we can definitely educate the masses about smart consumption. This awareness needs to be spread especially in the developing economies who are aping the developed economies. Sustainable and smart consumption is the way for the future. Consumption patterns need to be monitored and governed in all the countries across the world to make them sustainable. New products and materials can be created to substitute the ones that might prove to be highly unsustainable and a threat.

Water Scarcity

Water as a commodity and a resource is very scarce. Only 2% of the water available on Earth is pure and fit for consumption. To make matters more grave, it is the most consumed resource on this planet. Water has already been the cause of many fights and strives in some regions across the world. Many regions also depend on rainfall as the source of water, with the rainfall patterns changing across the world due to climate change, some regions have been affected severely with droughts and famines. At the same time, too much of rain has also caused flash floods across some regions destroying natural and man made ecology of the region. Too much of water or too little of it both cause a problem. Also, one of the major health concerns directly linked with this environmental concern is of the access to potable water. Very few people across the world have access to potable water. This causes a grave health issue for those people inhabiting such regions. Water, its use, its availability and its changing seasonality causes it to be one of the main environmental issues across the globe.

Wanton Deforestation

Deforestation can be seen as a trickle down effect of increase in consumption, change in land use and also increase in quantum of waste generated. Increase in consumption of food has led to a lot of forest area being used for cultivation. Similarly, forests are also cut down for wood which still remains a main building material in many countries. Deforestation also takes place around urban areas when they expand to accommodate more population. Creation of landfill sites is also another cause of deforestation. High demand for minerals, oil and other such resources that can be mined has also led to deforestation in different regions of the world. With deforestation a lot of endangered species have lost their natural habitats. The green cover reduces globally and causes more damage to natural ecosystems and climate system of the world. Soil erosion, dramatic climate changes and in some cases natural calamities like land slides, flash floods etc. can be attributed, directly or indirectly to deforestation.

Chemicals, Toxic Waste and Heavy Metals

Lot of emissions created by humans contain high amounts of chemicals and toxins. These have an adverse effect on the environment. The problem of acid rains is a small example of the same. Some chemicals and heavy metals have a potentially fatal effect on human as well as animal life. Care needs to be taken to prevent this from happening. Stricter emission control norms and regulations need to be in place to protect fragile ecosystems as well as health of human beings from this deadly issue.

Energy

Renewable or non-renewable sources of energy, their demand and consumption is a cause of environmental concern around the planet. The insatiable demand for crude oil has led to regions being raped of their other natural resources. The consumption of crude oil and its derivatives are directly the cause of several other environmental issues. Electricity, generation and consumption both seem deceptively clean, but cause a lot of damage. Any source of electricity, thermal, hydro or nuclear has a flipside of environmental problems. Even clean sources like tidal, geothermal, wind and solar can have lasting negative impacts on the environment. So energy in totality can be seen as one of the top 10 environmental issues in 2011.

Ecosystems and Endangered Species

Lot of ecosystems are facing a complete breakdown and collapse because of extinction of some key species existing in it. The loss of these ecosystems can be catastrophic in nature. People usually take ecosystems for their aesthetic value, but the function of ecosystems and the species that exist in them can be multi dimensional and extremely important to maintain an ecological balance. Conservation of ecosystems and endangered species is often neglected as an issue, but still remains a very critical environmental issue.

Science of Genetics

This is a very sensitive and highly debatable issue. Are we right to play God and tamper with nature? Science has helped humans a lot and has achieved lot of breakthroughs in terms of medicine, technology, health, communications, etc. In fact, all aspects of human life are improved tremendously with the help of science. But there seems to be a need to draw a line some place. Genetic modifications of plants, animals and probably even humans in the near future may cause more damage than good. We cannot disagree with the fact that research in genetics has improved life beyond measure, but who is to monitor the ethical side of this research?

So these were the top 10 environmental issues that require immediate attention. The toughest challenge is spreading awareness and educating people about the degeneration of green resources, that the planet is facing. Many of the issues are caused because of the lifestyles we follow, without a sense of consequence. There is a burning need to lead a much more sustainable way of life and make more people adapt to it as soon as possible. We have only one planet, only one home, let's not lose it to our greed!


good luck 
Moahmed Hassaan

Sunday, April 24, 2011

أثر تدخل الإنسان على التلوث الزراعي


أثر تدخل الإنسان على التلوث الزراعي


نبذة تاريخية

عندما قطن اليونانيون المنطقةَ أسموا النهرَ باراديسوس paradeisos، أي "الفردوس". وعندما أتى العرب استخدموا الكلمة نفسها مع تعديل لفظي طفيف، فعُرِفَ بعدهم باسم "بردى". أذكر من أيام طفولتي أننا كنَّا في بعض الفصول نشرب ماء هذا النهر. أما الآن فإن لا أحد يتجرأ أن يمدَّ يده إلى ذلك الماء في الفصول كلِّها. لقد أصيب النهر بعجز كامل! ولم يتوقف الأمر، في الواقع، عند تلوث مياهه فقط، بل إن هذا التلوث بات الآن يطال الإنسان عبر عدة عوامل، كالسقاية من مياهه وإسقاء الحيوانات منها. وإن تلوث النهر يُفقِد الأرض خصوبتها.
لقد أصبح بردى الكهريز الرئيسي لمدينة دمشق وكلِّ القرى الواقعة في حوضه. لذا فإن 80% من مياهه هي مخلفات بشرية؛ وهي، والحالة هذه، وسطُ تنميةٍ نَشِط لأنواع الجراثيم والبكتريا والفيروسات المعادية للحياة كافة. ومن أبرز سمات عدائها للحياة تخفيضها كمية الأكسجين المنحل في المياه إلى درجة خطيرة.
وتصبُّ في مياه بردى كلُّ مخلَّفات الصرف الزراعي المشبعة بالمواد الكيميائية المستخدمة كأسمدة. ومن بين هذه المواد الفوسفات والآزوت اللذان يُعتبَران الغذاء الأساسي لنموِّ البكتريا والأشنيات. وهذا، بدوره، يعطي مدًّا أكبر للتلوث البيولوجي الذي ذكرناه. إن مشكلة الأسمدة الكيميائية هي مشكلة عالمية. فمعظم البحيرات في العالم، وعدد غير قليل من الأنهار، انتفتْ فيها الحياة الحيوانية والنباتية بسبب هذه الأسمدة؛ بينما يمكن للاستخدام الفعال للأسمدة الطبيعية أن يطعم العالم كلَّه، بما في ذلك جياعه.


وتسيء بعض المصانع الصغيرة المنتشرة على طول مجرى بردى إلى بقاياه. فهناك معامل النسيج، وما تنتجه من مواد الكالسيوم والمغنزيوم ومواد القصارة وحمض الكبريت وحمض كلور الماء والأصبغة الحاوية على الكروم، شديد السمية، والكبريت. أما أعمال الدباغة فهي مصدر عالٍ للتلوث؛ إذ تتصف مخلَّفاتها بقلوية عالية، وهي كريهة الرائحة، قابلة للتعفن، كما تُعتبَر موطنًا لتأثير البكتريا والفيروسات. وكذلك شأن تصنيع الخميرة. وبالمقابل يزيد صنع الكرتون وغسل الصوف من نسبة المواد العالقة بدرجة خطيرة. ويدلي معمل الحليب بدلوه أيضًا، فيزيد التلوث العضوي ونسب المواد العالقة والقلوية؛ بينما يزيد معمل الكبريت من نسبة الكبريت السام. ولن نستطرد في جرد هذه المعامل الصغيرة، ولكننا نتساءل عن مدى ضرورتها لحياتنا. وإذا كانت ضرورية، فلماذا لا يعاد إنشاؤها في أمكنة أخرى؟ أو على الأقل، أن تُلزَم بنظام حماية للبيئة يقي الطبيعة من نفاياتها.
لا يقتصر خطر التطور المعاصر على الأنهار على تلويث مياهها فقط؛ بل إن هذا التطور يُنقِص كمية هذه المياه إلى درجة تسيء إساءة عميقة إلى توازن الطبيعة. وليس هذا بعجيب؛ إذ يكفي أن نتذكر ضخامة الصناعات الحديثة، وأن نقوم فكريًّا بجداء مقدار هذه الدلائل في حجم المياه اللازمة لصنع هذه المنتجات أو تلك: يتطلب إنتاج طن واحد من الصلب 50 طنًّا من الماء؛ وبصورة مناظرة، يتطلَّب إنتاج طن واحد من الأصباغ إنفاق مقدار متوسط من الماء يبلغ 500 طن؛ ويحتاج الطن الواحد من الحرير الصناعي إلى 1500 طن من الماء، والطن الواحد من النايلون إلى 2500 طن من الماء.

إن المصانع الحديثة الضخمة للكيميائيات وتحويل المعادن وإنتاج السللوز والورق والمحطات الحرارية لتوليد الكهرباء "تشرب" أنهارًا كاملة بكلِّ معنى الكلمة! ولا يزال التقدم التكنولوجي مقترنًا بزيادة حادة في استهلاك المياه للحصول على القطعة الواحدة من المنتجات. ويبدو ذلك في واقع الحياة كالتالي: في مصنع النسيج القديم نسبيًّا لإنتاج الأقمشة الصوفية الطبيعية، يتطلب إنتاج الطن الواحد من النسيج 300 طن من الماء؛ أما البديل الاصطناعي للصوف فيتطلب قدرًا من الماء يزيد بـ5-6 مرات عن ذلك. وبما أنه من المؤكد تقريبًا أن المصنع الجديد أقدر، وينتج كمية أكبر من المنتجات، ندرك بسهولة شدة زيادة ما يتم استهلاكه إجماليًّا من الماء. وأخيرًا، فإن الصناعة الحديثة تتطلَّب ماء أنقى، تصعب تصفيته بعد الاستعمال في معظم الأحيان.
أذكر، في معرض الحديث عن بردى، النزهات على ضفاف النهر وفي حوضه التي تزيد نسبة المواد العالقة في مياهه. يبدو للوهلة الأولى أن زيادة تلوث النهر ستؤدي إلى إنقاص عدد تلك النزهات، لأن تلوث الطبيعة يخفف إمكانات الاستمتاع بها. ولكن – لشدة العجب! – يزداد ذلك العدد باطِّراد، وكأن التلوث قد أصاب بدوره الآليةَ الروحية التي إذا عملت استمتع صاحبها بالطبيعة. لقد اندثرتْ اللغة الأصلية للتخاطب مع الطبيعة، وأصبحت تلك النزهات غاية في حدٍّ ذاتها.

لن أدخل في تفاصيل ما تسببه النزهات من تلوث؛ ولكنني سأتوقف عند معلومة صغيرة، وهي أن كلَّ ما نستخدمه من أكياس وأدوات حفظ بلاستيكية، نتركها عندما نتنزه، وكذلك يتركها أصحاب المطاعم والمقاهي، هي مواد عجيبة حقًّا. إنها مواد ثابتة؛ ولكن هذا الثبات هو مصيبة في حدٍّ ذاته؛ فهي تتأكسد ببطء وبصورة غير تامة. رُبَّ قائل يقول إن هذا الشيء ممتاز؛ إذ إن العلماء جميعًا يبحثون بإلحاح عن مختلف الإضافات الباعثة على الاستقرار، التي من شأنها أن تعيق بكافة السبل عمليات الأكسدة. إلا أن هذا يفضي، من ناحية أخرى، إلى أن هذه المواد تصير نفايات ثابتة أكثر فأكثر، مع العلم أن دور هذه المواد يزيد طوال الوقت، وتجرُّ إلى فلكها عددًا متزايدًا من الفلزَّات والمعادن. وسابقًا، عندما كانت المنتجات الزراعية العضوية هي التي تمثل الإنتاج أساسًا، كان يمكن للنفايات أن تتأكسد بسهولة كبيرة، فتحلِّلها الكائنات الدقيقة، وتذوب، فتحملها المياه الجارية بتركيز قليل. لا ينطبق ذلك على المواد المصنوعة الجديدة، إضافة إلى أن هذه المواد الجديدة سامة في معظم الحالات. إن أقل هذه المواد ثباتًا سيحتاج لألف سنة على الأقل حتى يتحلَّل. لذلك سيأتي وقت – ولا شك – تعجز الطبيعة عنده عن إرجاع أيِّ شيء. فهل سنترك الطبيعة للأجيال القادمة تستمتع بها، أو تعيش عالة عليها؟ سؤال علينا أن نتأمل معناه بهدوء.
إذا كانت الأسمدة الكيميائية ملوثة، فماذا عن مصانعها؟ تسود في بيئة تلك المصانع الغازات الملوِّثة، كأكاسيد الآزوت والفحم والنشادر، والغازات القلوية السامة جدًّا وأكاسيد الفوسفور؛ وبعض هذه المركَّبات تتحول إلى محاليل ملوِّثة وخطرة على التربة والمياه. يتصاعد الأمر في صناعة الفوسفات بشكل درامي: فهناك المواد المشبعة، كالأورانيوم والراديوم؛ ويحتاج الأمر، في هذه الحالة، إلى برنامج دقيق لتلافي الأثر السيئ لهذه المواد المشعة.
 
تتحرك المواد الملوِّثة في البلدان الصناعية مئات وآلاف الكيلومترات، مؤدية إلى الظاهرة المعروفة باسم "المطر الحامضي" acid rain. والمطر الحامضي هو مفتاح التصحُّر desertification، بل إنه الخطوة الأولى لإنهاء الحياة. فهو ينقص إنقاصًا كبيرًا ما يمكن أن نسمِّيه بالكائنات الحية "الصديقة" في الجو. ويصل تأثيره حتى أعالي الغلاف الجوي، فيهدِّد طبقة الأوزون التي تُعتبَر الدرع المنيع لحمايتنا من الأشعة الكونية الضارة، وخاصة الأشعة فوق البنفسجية القاتلة القادمة من الشمس.
نتطرق، في هذا السياق، إلى الغلاف الجوي، مُثبِتين الحقيقة الهامة التالية: إن الحياة، بكلِّ أشكالها، هي امتداد للغلاف الجوي المؤلَّف من مواد مختلفة بنسب متباينة، الذي استغرق زمنًا طويلاً حتى وصل إلى حالته الراهنة، عبر سلسلة مديدة من التحولات والتطورات. إننا لا نغالي إطلاقًا إذا اعتبرنا الغلاف الجوي، في حدِّ ذاته، كائنًا حيًّا، تلعب فيه الكائنات الحية المعروفة دور الأعضاء والنسج والخلايا. ولا بدَّ لنا في هذا المعرض من التذكير بالأهمية البالغة لنِسَب المواد المساهِمة في بناء الكائن الحي، وبالضرر العميق الذي يصيب ذلك الكائن إذا تغيرتْ تلك النِّسَب، ولو بكميات طفيفة. لدينا، إذن، الكائن الحي الأساسي: الغلاف الجوي، بأجزائه المختلفة: كلُّ أشكال الحياة على الأرض.
تطال الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس الغلافَ الجوي، فتؤثر على الأكسجين الجزيئي في أعاليه، محوِّلة إياه إلى أكسجين ثُلاثي الذرات، هو الأوزون O3 الذي أشرنا إليه للتو. وتفكِّك تفاعلات طبيعية أخرى هذا الأوزون، معيدة إياه إلى الشكل الجزيئي. والنتيجة أن كمية الأوزون تبقى ثابتة ومساوية لثلاثة مليون مليون كغ. يؤدي نقص الأوزون إلى تدفق الأشعة فوق البنفسجية ووصولها حتى سطح الأرض. وتفكِّك هذه الأشعة جزيئات الماء؛ وهي لذلك تصيب بالضرر العضويات الحية كافة، لأن الماء يساهم في تلك العضويات بنسب تتراوح بين 60% و95%.

وتُنقِص معظم النشاطات التكنولوجية كمية الأوزون إنقاصًا ملحوظًا. دعونا نضرب على ذلك مثلاً واحدًا وحسب: تُستخدَم طريقة النفث من حاويات معينة لذرِّ بعض مركبات الفلور والفحم أو الكلور والفحم ونثرها لتحقيق غايات معينة.
وتُستعمَل هذه المواد عادة في التبريد. تتَّسم هذه المواد بعدم قابليتها للانحلال في الماء وبعطالتها الكبيرة، الأمر الذي يسهل اندفاعها من سطح الأرض ووصولها إلى أعالي الغلاف الجوي. وهناك تُلاقي الأشعة فوق البنفسجية، فتتحلَّل مطلقةً غاز الفلور أو غاز الكلور؛ وكلٌّ من هذين الغازين كفيل بتفكيك الأوزون وإنقاص كميته. إن الأوزون غاز سام. ومن المفارقات الكبرى في هذا المجال أن بعض النشاطات التكنولوجية تزيد من كميته عند سطح الأرض. وقد عرفنا للتوِّ أن نشاطات أخرى تُنقِص من كميته في أعالي الغلاف الجوي، بينما يرتبط استمرار الحياة بكمية كبيرة منه في أعالي الغلاف الجوي وأخرى قليلة للغاية عند سطح الأرض.

تطرح النشاطات الإنسانية كلَّ عام 150 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت السام؛ وتُطرَح معظم هذه الكمية في الغلاف الجوي. يطال الضررُ من هذه المادة حتى ما أنجزه الأقدمون. فمثلاً الآثار القديمة، بدءًا من تاج محل في الهند إلى أكروبوليس أثينا، ستذيبها هذه المادة. وهكذا فأخطبوط التلوث قد لا يكتفي بإنهاء الحياة فقط، بل وكل أثر لها، مهما كان قديمًا. هل يمكن أن يأتي يوم على كوكب الأرض يصبح فيه ممسوحًا، حتى دون أيِّ أثر دال على وجود سابق لكائن واعٍ كالإنسان؟ نتمنى من القلب ألا تصل الأمور إلى هذا الحدِّ – رغم أن الأمنيات لا تكفي!


لم يُبدأ باستخدام الفحم الحجري على نطاق واسع إلا في النصف الثاني من القرن الماضي. غير أن مجموع ما استُخرِجَ إبان النصف الأول من قرننا من الفحم والبترول والغاز زاد على 100 مليار طن. وبعد احتراق هذا الوقود، قُذِفَ في الجوِّ بما لا يقل عن 3 مليارات طن من الرماد. ويدخل قسم منها في التربة والمياه بالأرض، ولا يقل عن 1.5 مليون طن من الزرنيخ و1.2 مليون طن من الأنتيموان والتوتياء اللذين لا يقلان سُمِّية عن الزرنيخ. ويُستهلَك سنويًّا مقدار ستة مليارات طن من الأكسجين في احتراق الوقود الأحفوري المستخرَج. وكان بالمستطاع أن يملأ هذا المقدار البحر الأبيض المتوسط كلَّه بالأكسجين.
لقد أظهرت الأبحاث أن المدن الكبرى في العالم تعاني من نقص كبير في الأكسجين. وتنخفض كمية الطاقة التي يحصل عليها سكان هذه المدن من الشمس بنسبة 30% بسبب غازات السيارات. نضرب مثلاً على ذلك مدينة نيويورك: يقول الطيارون إن من السهل إيجاد نيويورك في أيِّ طقس كان، بدون خارطة أو أجهزة، وذلك باستنشاق رائحتها. وليس في ذلك أية مبالغة؛ إذ تخيِّم على مدينة نيويورك، دائمًا وبدون حركة، سحابة رمادية هائلة يراها الطيارون بوضوح في جوِّ الصحو، وهم على مسافة كبيرة من المدينة. ويفسِّر الخبراء ذلك بأن السحابة ناجمة عن المدينة العملاقة التي تنفث في الهواء يوميًّا 3200 طن من ثاني أكسيد الكبريت و280 طنًّا من الغبار و4200 طن من أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون وأكاسيد الآزوت، وغير ذلك من المواد السامة. وتعيد السحابة، بدورها، رواسب يبلغ مقدارها 4 أطنان لكلِّ كيلومتر من المدينة. فلا ضرورة للعجب إذا ما كان يموت سنويًّا في نيويورك، بسبب تسمُّم الجوِّ وحده، حوالى عشرة آلاف شخص؛ ويشكل ذلك 12% من جميع الوفيات المسجَّلة.


التلوث بغازات الصناعة على ساحل مدينة يوكوهاما اليابانية

ليس سرًّا أن الغازات الملوِّثة قد بدأت تغير الطقس فعلاً، لأنها تغير الخواص الإشعاعية والديناميَّة والحرارية للغلاف الجوي. كما تسهم في هذا التغيير – وبقسط وافر – بنية البيتون المسلَّح والأعداد المتزايدة من أجهزة تكييف الهواء. وكما تحدثنا عن سحابة التلوث فوق نيويورك، نذكر سحابة المواد المعلَّقة فوق دمشق التي نراها بوضوح عندما نصعد إلى جبل قاسيون، أو عندما نقترب من أحد مداخل المدينة. ولعله مطلب بيئي ملحٌّ أن ندرس الآثار السيئة لهذه السحابة، ولاسيما تأثيرها على طقس المدينة. وتأتي الملوِّثات التي تزيد في حموضة الغلاف الجوي بصورة رئيسية من محطات توليد الطاقة المغذاة بالفحم، ومن عمليات صهر المعادن غير الحديدية، ومن نشاطات اقتصادية أخرى، وعلى الأخص مما تنفثه السيارات من غازات.


ويزيد التلوث الحامضي في نوى التكثيف التي تجذب الماء في الجوِّ والتي تعمل على تشكيل الضباب عند قيم منخفضة للرطوبة تصل إلى 60%. وفي بعض الأحيان يحصر الانقلاب الحراري (طبقة هواء دافئ فوق طبقة هواء بارد) الملوِّثاتِ الصناعية قرب سطح الأرض. ولقد أصبحت معظم أنهار العالم حامضية.

وهناك زمرة أخرى من المواد الملوِّثة، وهي المعادن السامة؛ ومنها الرصاص والكادميوم والسيلينيوم. وتُعَدُّ السيارات اليوم المصدر الأول للرصاص وأكسيد الفحم السامَّين: ففي بريطانيا، مثلاً، تنفث السيارات من أول أكسيد الفحم سنويًّا ما يساوي ستة ملايين طن. نعود إلى هنا، إلى سحابة التلوث الدائمة فوق دمشق ونذكر أن لون السحابة مردُّه امتصاص ثاني أكسيد الآزوت الذي تحتويه السحابة الانتقائي للضوء.
 
نطرح هنا تساؤلاً هامًّا: نحن بلد غير صناعي؛ وكذلك البلدان النامية الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، هناك غزارة كبيرة في حركة المرور في طرقات هذه البلدان، خاصة في المدن. بكلمة أوضح، إن هذه البلدان تدفع ثمنًا باهظًا، متمثلاً في تلويث أجوائها دون مقابل إنتاجي على الصعيد الصناعي. ولو كانت تلك البلدان صناعية، إذن لربما قبلت التضحية. أما أن تكون القاعدة الاقتصادية لهذا التلوث مبنية بشكل أساسي على علاقات التداول، فهو أمر لا يمكن تسويغه منطقيًّا على الإطلاق.

لقد وصل أثر المواد الملوِّثة عبر الغلاف الجوي إلى المناطق القطبية، وبدأ بتهديد الحيوانات النادرة هناك، مثل طائر البطريق اللطيف و"الإنساني". وسيشهد القرن القادم نقل الصناعات الشديدة التلويث إلى بلدان العالم الثالث، في محاولة لتنقية أجواء العالم الصناعي.

يتجسد الأثر الأعمق للتلوث على الطقس في تعديل أسلوب تبادل الغازات والطاقة بين المحيطات والغلاف الجوي، حيث تقوم كلُّ المواد الملوِّثة بالإساءة إلى نواظم هذا الأسلوب، تلك النواظم التي تطوَّرتْ واستقرتْ عبر ملايين السنين من تاريخ الأرض. ويبرز النفط الممزوج بالماء والطافي على سطحه كأكبر مخرِّب لهذه النواظم.
نعلم جميعًا كيف تتمدد ببطء، وتتساقط مصحوبة بصوت بَقْبَقَة خافتة على سطح الماء، قطرةُ الكيروسين أو المازوت أو الزيت، وعمومًا أيٍّ من المنتجات البترولية. وغالبًا ما تسقط مثل هذه القطرات في الماء، وتتساقط في الأنهار والبحيرات والمحيطات. إنها تسقط من ارتفاع أمتار عديدة من طائرات الركاب العملاقة، ومن المحركات الصغيرة المثبتة في زوارق الصيادين، كما تتساقط مع مياه نفايات المعامل والمصانع، وتنساب في سيل عارم من الجوانب المحطَّمة لناقلات البترول الغارقة. وهي عمومًا تتساقط في الماء دومًا، وفي كلِّ مكان، بدون عدٍّ أو حساب، علمًا بأن كلَّ قطرة – قطرة واحدة فقط – تكوِّن على سطح الماء طبقة رقيقة عكرة – هي غشاء يبلغ قطره 30 سم، بينما يبلغ وزنها 0.5-0.8 غ. فماذا لو أعملنا المخيِّلة قليلاً؟ لقد سقط في العام 1972 فقط، في كلِّ محيطات وبحار العالم، من ناقلات النفط ما يساوي 3 ملايين طن من البترول. هذا هو ثمن القطرات المتساقطة المفقودة! ويستطيع الإنسان اليوم أن يغطي جميع سطوح المياه في الكوكب بطبقة رقيقة متواصلة من البترول. ورغم أن هذه الطبقة رقيقة جدًّا، فإنها تعزل الماء عن أكسجين الجو، وتغيِّر تغييرًا جذريًّا في عمليات التبخُّر، وكذلك في درجة الشدِّ السطحي للماء.

يُعتبَر غرق ناقلات البترول من أهم أسباب تلوث البحار
يتناقص احتياطي البترول في المكامن القديمة الموجودة على اليابسة. ومن هنا تتنامى الحاجة إلى الإبقاء بصورة اصطناعية على الضغط في طبقات الأرض الحاوية على البترول؛ ويتم ذلك بضخ المياه العذبة إلى باطن الأرض. وهكذا أخذ الماء يزيح النفط ويحلُّ محله. وبذا تذهب إلى باطن الأرض ملايين كثيرة من الأمتار المكعبة من المياه العذبة، وتزداد كمية المياه الضائعة بازدياد نفاد البترول. ومما لا يقل أهمية عن ذلك أنه صار يخرج مع البترول إلى السطح مقدارٌ كبير من الماء الملوث جدًّا بالبترول والأملاح المختلفة؛ وتفشل كلُّ طرق التنقية في تدارُك هذه الكارثة.
يصل أذى النفايات البترولية كلَّ الكائنات الحية؛ إذ تُهلِك تلك النفايات بيوض الأسماك ذات البنية الرقيقة. وعندما تبتلع الحيوانات والنباتات المكوِّنات الأساسية لهذه النفايات يمكنها، عن طريق الدورة الغذائية، إلحاق الضرر بالإنسان إلحاقًا مباشرًا. ولا يبدو في الأفق أيُّ أمل لإيجاد طريقة ناجعة لمكافحة تلوث المياه بالبترول. إن الرقع المائية من كوكبنا مهددة اليوم: فالحياة المائية، مثلاً، معدومة لمسافات كبيرة على شواطئ البلدان المتقدمة، بينما بحار أخرى مغلقة، كالبحر المتوسط، ستصير كهريزًا هائلاً للدول الواقعة على شواطئه في يوم ليس ببعيد. ويبدو أن الكائنات الحية تتفهَّم ذلك: فهي تهاجر من مناطق التلوث؛ وتفعل الطيور الشيء ذاته، إذ تترك الأماكن الملوثة من الجوِّ، وتغير في طرق هجراتها الدورية حتى تتحاشى المناطق المسمَّمة.
 


يدفع التلوث الحياة إلى نهاية محتومة. ويتوقع العلماء أحد شكلين لهذه النهاية: الشكل الأول هو ما يمكن أن نطلق عليه اسم "الصيف الدائم". وهو، باختصار، ارتفاع دائم لدرجات الحرارة في الغلاف الجوي. فكيف يمكن أن ترتفع درجة الحرارة ارتفاعًا دائمًا في الغلاف الجوي؟ إن تغيُّر بنية الغلاف الجوي، ومن ثَمَّ تعرُّض التوازن الحراري على الأرض للاختلال، سيفضي إلى انهيار حراري، تتبعه كارثة. أما استخدام الطائرات، وبصورة أعم، كلَّ أنظمة النقل بالسرعات فوق الصوتية، فسيؤدي إلى تسخين الغلاف الجوي حتمًا.
إن أخطر آلية لرفع درجة حرارة الغلاف الجوي هي آلية الدفيئة Greenhouse Effect. ويلعب هنا الغبار والهباب وغاز الفحم المتجمع بالقرب من سطح الأرض دور الزجاج. يسمح الزجاج (أو بدائله)، وفق هذا السيناريو، بمرور الأشعة الضوئية القادمة من الشمس. ولدى وصول هذه الأشعة إلى الطبقات الدنيا من الغلاف الجوي تُثار هذه الطبقات مطلِقةً الأشعة تحت الحمراء. إن الزجاج وغاز الفحم والغازات الملوِّثة الأخرى عاتمة جميعًا بالنسبة لهذه الأشعة؛ لذا فما يحدث في حالتنا أن هذه الأشعة لا تتسرب إلى الفضاء الكوني، بل تتجمع فوق سطح الأرض. ولما كانت الأشعة تحت الحمراء أشعة حرارية بالدرجة الأولى، فإن هذا الفعل سيكون بحق بداية صيف دائم.


مخطط يشرح آلية أثر الدفيئة
أقرِّب هذه الآلية إلى الأذهان بالتذكير بحالة أحدنا في أحد أيام الشتاء المشمسة، حيث يقف خلف الزجاج لينال قسطًا من الدفء. تزيد أيضًا في حرارة الجوِّ بشكل جزئي – ولكن مطَّرد – أنظمةُ التدفئة المركزية؛ إذ يصبح البناء ككل مصدرًا إشعاعيًّا، بينما لا يصل الضرر إلى هذا الحدِّ بإحراق الخشب لتدفئة البيوت – ولكن لم يبق هناك أيُّ خشب! فإذا ازداد عدد سكان قاطني المدن ازديادًا مذهلاً فسيصبح عدد سكان مدينة نيويورك، مثلاً، 50 مليونًا، بينما العدد المقابل لمدينة طوكيو سيكون 90 مليونًا. يقول الخبراء إن الحرارة المنبعثة من مساحة 30 ألف كيلومتر ستبلغ في العام 2000 نسبة 50% من حرارة الشمس شتاءً ونسبة 15% منها صيفًا. وسيؤثر هذا تأثيرًا جذريًّا، لا على المناخ المحلِّي للمدينة فقط، بل وعلى مناخ منطقة بأكملها، علمًا بأن ارتفاع وسطي في درجة الحرارة للأرض كلِّها بمقدار 3.5% سيهدد بحصول صيف دائم.


أما السيناريو الآخر فينجم عن المواد الملوِّثة العالقة في أعالي الغلاف الجوي. وهنا يكون الأمر على العكس؛ إذ تحجز هذه المواد قسمًا من الأشعة الحرارية القادمة من الشمس. ويترتب على ذلك هبوط مطِّرد في درجات الحرارة. تضع النشاطات الإنسانية الغلاف الجوي أمام مفارقة كبيرة: إذ إن هذه النشاطات تحقن الغلاف الجوي، في سوياته المختلفة، بالغبار والهباب والملوثات الأخرى. وكما تبيَّن، فإن زيادة هذه المواد في أعالي الغلاف الجوي تؤدي إلى خفض درجات الحرارة والتهيئة لعصر جليدي. أما زيادتها بالقرب من سطح الأرض، فتؤدي، على العكس، إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة والدخول في صيف دائم.


وبعد، كيف ستكون النهاية: صيف دائم أم عصر جليدي؟ يتوقف الأمر على نتيجة سباق بين تراكم الملوِّثات في أعالي الغلاف الجوي وقرب سطح الأرض؛ إذ عندما يتجاوز أحد التراكمين نسبته، تبدأ النهاية المحتومة المرتبطة به.

ننتقل الآن إلى مفارقة جديدة تتعلق بإنقاص النشاطات الإنسانية لآزوت الغلاف الجوي؛ إذ إن صناعة الأمونيوم بدءًا من هذا الآزوت تخفض كمية الآزوت الغلاف الجوي، فتُخلُّ بتوازن هذا الغلاف. والكائنات الحية، بدورها، تُنقِص كمية الآزوت بتصنيعها مركبات معقدة؛ إلا أن هذا الإنقاص الأخير هو جزء من التوازن العميق المتغلغل في الحياة الطبيعية. ولكن الإنقاص الجديد هو الخَطِر؛ إذ إنه يخرج عن دورة الآزوت في الطبيعة، تلك الدورة التي صمَّمها التطور المشترك للبيئة والحياة على سطح الأرض خلال ملايين السنين.
 
يتميز كوكب الأرض بظروف بيئية وطبيعية متوسطة؛ ولم تتغير هذه الظروف خلال الأربعة آلاف مليون سنة من تاريخ الأرض. فالجذب الثقالي للأرض أخف بكثير من الجذب الثقالي في الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، إلا أنه أكبر بكثير من الجذب الثقالي السائد في السحب الغبارية الكونية. وكذا شأن درجة الحرارة: فهي ليست بقدر درجات الحرارة في النجوم، ولا هي بالمستوى المتدنِّي للحرارة في الفضاء الكوني. وأخيرًا وليس آخرًا، فعمر الأرض أيضًا هو رقم متوسط: فهي أكثر شبابًا من المجرات، إلا أنها شديدة الهرم بالمقارنة مع بعض المصادر الراديوية النووية الكونية قصيرة العمر. لا يستقر ولا يستمر من الجسيمات الأولية الثقيلة، في ظلِّ هذه الظروف المتوسطة، إلا عدد ضئيل، كالبروتونات والإلكترونات والنيوترونات. يستطيع الجذب الثقالي أن يحافظ على كمية ثابتة من مادة الأرض، ولا تفلت إلا نسبة ضئيلة من ذرات الهيدروجين والهليوم من أعالي الغلاف الجوي، إضافة لما ترميه النشاطات الإنسانية من مواد أرضية في الفضاء الكوني على هيئة مسابر فضائية.
 
وفي سياق الحديث عن النشاطات الإنسانية، نذكر أنه يمكننا النظر إلى الكرة الأرضية على أنها مؤلَّفة من خمس كرات جزئية هي:
1. الكرة الصلبة، وفيها 99.87% من كتلة الأرض؛ و
2. الكرة السائلة، المتضمنة حوالى اثنين في العشرة آلاف من كتلة الأرض؛ و
3. الكرة الغازية، التي يصل الرقم المقابل الخاص بها إلى ثلث رقم السائلة؛ أما
4. الكرة الحية، فتستهلك جزءًا واحدًا من مئة ألف مليون جزء من كتلة الأرض؛ و
5. أخيرًا الكرة التكنولوجية التي تمثل ما حوَّله الإنسان من مواد طبيعية إلى أشكال صنعية؛ وتبلغ نسبة المواد المستخدمة فيها حوالى جزء واحد من مليون مليون جزء من كتلة الأرض.
يختلف التركيب الكيميائي لهذه الكرات، إلا أنها تشترك جميعًا بقاسم مشترك هو الأكسجين. فربع كتلة الكرة الصلبة هو من الأكسجين، وكذلك خمس الكرة الغازية، وربع الكرة الحية، وربع الكرة التكنولوجية، ومعظم الكرة السائلة. لا تتركز أهمية أية من الكرات فيما تحويه الكرة المعنية من مادة، بل في نوعية تلك المادة وسرعة تداولها مع الكرات الأخرى. لقد بلغت هذه السرعة حدودًا في عصرنا التكنولوجي توجِب التوقف وإعادة النظر والتأمل.
تشكِّل الكرة الحية المصدر الرئيسي للأكسجين. ولا عجب إذا عرفنا أن الكرة الحية تصنع كلَّ الأكسجين تقريبًا، عبر التفاعل اليخضوري (= الكلوروفيلي): إذ تؤثر أشعة الشمس في مركَّب الماء، فتفصل عنه الهيدروجين الذي ينضم إلى غاز الفحم لتشكيل الفورمالدهيد، بينما ينطلق غاز الأكسجين.
 
إن النباتات هي المنبع الرئيسي للأكسجين الضروري للكرات الخمس. وإذا تحدثنا عن العلاقة الوثيقة بين الكائنات الحية وبين الطبيعة، فعلينا أن نلاحظ أن النباتات تحلُّ في المرتبة الأولى في هذه العلاقة، بينما تبني الحيوانات علاقاتها مع الطبيعة من خلال وساطة النباتات. تساوي كتلة النباتات حوالى 1910 غ، بينما كتلة الحيوانات هي 1610 غ. وإن الإخلال بنسبة الكتلتين سيفضي إلى نتائج مأساوية بالنسبة لعالم الحيوان. لا يمكن تزويد الإنسان مباشرة بالغذاء من الكرات غير الحية؛ إذ يجب على النبات أن يمتص الطاقة أولاً من الطبيعة، ومن بعدُ ينقلهما للإنسان وكافة صنوف الحيوانات.

الغابة المطيرة رئة الأرض: "الأخضر هو القاعدة الأساسية للحياة."
لقد تطورتْ النباتات بحيث تؤمِّن امتصاصًا أعظميًّا لطاقة الشمس وطرحًا أعظميًّا مقابلاً للأكسجين؛ وينطبق ذلك حتى على الأشنيات في أعماق المحيطات. إن الأخضر هو القاعدة الأساسية للحياة. نضرب مثلاً على هذه الحقائق التقاط كلِّ إشعاعات الشمس الساقطة على الغابات، حيث تستظل النباتات بعضها ببعض على درجات تصل حتى الخمس. والهدف ألا يُفلِت شعاع الشمس؛ إذ إن ما يفلت من نباتات درجة معينة تلتقطه نباتات الدرجة الأدنى؛ والهدف النهائي هو طرح أكبر كمية ممكنة من الأكسجين باستخدام الطاقة الشمسية في التفاعل اليخضوري.
تسيء الفوضى الحرارية المنبعثة من الكرة التكنولوجية إلى نواظم عمل النباتات التي تطورت عبر ملايين السنين. وتتأثر عاكِسية الأرض تأثُّرًا جزئيًّا وكليًّا عند قطع الأشجار والغابات؛ ويعني ذلك فروقًا كبيرة بين درجات الحرارة في النهار وفي الليل، أي قربًا من مناخ الصحراء. أضف إلى ذلك الفعل الفيزيائي المباشر على الأرض، المتمثل بهجوم الصحراء إثر اجتثاث الأشجار الصادَّة له. نحن هنا، مثلاً، نقطع أشجار غوطتنا، وكان حريًّا بنا الحفاظ عليها، وملء مناطق أخرى غير مشجَّرة بالأشجار. كذلك نحن ننشئ بعض المصانع الملوِّثة في مناطق بعد أن نجتثَّ الأشجار منها، كمصانع الإسمنت في مزارع الزيتون؛ ويقوم بعضنا أيضًا بإحراق الأشجار لاستبدال مناطق سياحية بها.


علينا أن نتذكر أن الحياة تقوم على توازن دقيق بين شقيها الرئيسين: الحيوان والنبات. وإن الحيوانات تعيش على نفايات الحياة النباتية التي يشكِّل الأكسجين أبرزها؛ لا بل قد أصبح من المؤكد اليوم أن الحياة الحيوانية لم تنشأ على كوكبنا إلا بعد أنْ وفَّرتْ الحياة النباتية فائضًا كبيرًا من الأكسجين الضروري لتلك النشأة، وأنْ أخَذَ التوازنُ المذكور طريقه إلى الوجود عبر معادلة دقيقة ذات طرفين: غاز الفحم والأكسجين. فالنباتات تستهلك الأول وتطرح الثاني؛ وتفعل الحيوانات عكس ذلك. والسؤال الآن هو التالي: هل فكَّر الذين يتخلصون من الأشجار، بقطعها أو حرقها، في مصدر بديل للأكسجين؟ وهل تأملوا قليلاً، قبل إقرار خصومتهم مع الأشجار، في حقيقة أن حياة غيرهم وحياتهم منوطة بما تقدِّمه تلك الأشجار من أكسجين؟
قامت مجموعة من الشركات بشقِّ طريق عبر غابات الأمازون. لقد ترتَّب على ذلك إنقاص لا يستهان به في إجمالي كمية الأكسجين في الغلاف الجوي. والطريف أن تنفيذ ذلك الطريق قد تعثر مرارًا؛ وكان السبب على الدوام إقدام الأقوام البدائية في تلك الغابات على أكل الطبوغرافيين والمهندسين العاملين في المشروع! وقد يرى بعضهم في ذلك تصرفًا وحشيًّا وهمجيًّا، ولكنه ليس أكثر بربرية، على أية حال، من تصنيع الأسلحة النووية وأسلحة الفتك بالأعصاب والغازات الخانقة! أفلا يمكن أن نقيِّم تصرف الأقوام البدائية في الأمازون على أنه تعبير عن دفاع الطبيعة، ممثَّلة بالغلاف الحي، عن نفسها حيال ذلك الإيذاء العميق؟

وإذا كنَّا في معرض الحديث عن النباتات، فيجب أن نتطرق إلى مجمل مزاياها. فالنباتات هي أجود أنواع المضخات، لأنها تحقق استقرارًا للمياه الجوفية بتبخير الفائض من تلك المياه وحقنه في الغيوم، لنقله إلى مناطق أخرى على شكل هطول مطري. كما تمنع النباتات تبخُّر المياهَ السطحية في نفس الوقت. لقد انتشرت النباتات وأتمَّتْ توزيعها بطريقة التجربة والخطأ، فأصبحت بذلك جزءًا لا يتجزأ من الطبيعة والحياة. إن اجتثاثها يعني، وفق هذا المفهوم، القضاء على الطبيعة والحياة. تقود النباتات بحق الدورات الرئيسية في الطبيعة. إن المناطق الغنية بالنباتات قلما تصاب بالجفاف؛ فأوراق النباتات مشبعة دائمًا بالرطوبة لأن التبخر يعوَّض بضخ الماء عبر الجذور. والشرط هنا أن يكون المخزون الجوفي بعيدًا عن الاستنزاف المصطنع لأن النباتات ستتراجع في هذه الحالة وتعجز عن أداء مهامها.
وتتجلَّى أهمية أوراق النباتات في التقاطها ذرات الفحم الفائضة، وكذلك الأشعة الزائدة في الغلاف الجوي؛ إلا أنها، مرة أخرى، تتراجع أمام الازدياد السرطاني لذرات الفحم بسبب النشاط التكنولوجي المعاصر. وتحوِّل النباتات الصخور إلى تربة زراعية بتفتيتها؛ وهي تزود التربة بالطاقة الحرة الضرورية لاستمرارها كتربة. وحتى في حال موتها، تُغْني النباتات التربة بالمواد الحيوية. هل تستطيع الهياكل البيتونية البديلة فعل ذلك؟ طبعًا لا. وعلينا، وعلى الأجيال القادمة، انتظار النتائج السيئة لإشادة تلك الهياكل.
تسعى الرياح إلى حمل الرطوبة الناجمة عن التبخُّر من الأوراق والتربة. وتعيق الأشجار مرور تيارات الهواء السريعة، وتجزِّئها إلى دوامات أصغرية، وتحمي المزروعات من الرياح الساخنة. إن الغابات النامية على منحدرات الجبال والروابي والتلال لا تعمل على حجز سيل المياه على السطح فقط؛ بل إن شبكة جذور الأشجار العميقة والمتفرعة تحجز كلَّ سيل المياه تقريبًا. ولا تفقد نباتات الحقول هذا الماء لأنه يتبخَّر من الغابات تدريجيًّا، ويرطِّب طبقات الهواء المتاخمة، وبذلك يحمي المزروعات. إن الغابات، بالأخص على منحدرات الجبال والتلال وعلى ضفاف الأنهار، تحول دون تعرية التربة وتحمي الأنهار من التلوث، كما تفيد كمأوى للطيور التي تقضي على الحشرات الضارة .

إن الأشجار والشجيرات والأزهار لا تزين حياتنا فقط، بل وتنجز عملاً نافعًا هائلاً: فهي ترشِّح الهواء، وتجمع الغبار على الأوراق، وتفرز موادًا تقتل الميكروبات الضارة، وتلطِّف نظام درجة الحرارة في المدينة، وتُخمِد الضجيج. إن الهكتار الواحد من حديقة أو ميدان أخضر يمتص خلال ساعة واحدة مقدارًا من غاز ثاني أكسيد الفحم يعادل ما يزفره 200 شخص خلال هذه الساعة، ويستبدل بهذا الغاز السام الأكسجين النقي.
 
يتجدَّد الأكسجين، بسبب النشاط النباتي، في الكرات الأربع: الصلبة والمائية والغازية والحية مرة كلَّ 3800 سنة، باستثناء الكرة التكنولوجية التي لم تدخل الحلبة إلا منذ قرن تقريبًا. ولسنا بصدد تقويم ما قد يترتب على ذلك من انخفاض خطير في المخزون الغذائي، بل سنحاول تسليط الأضواء على تناقص الأكسجين بسبب ذلك. وعلينا ألا ننسى هنا الانخفاض الذي تسبِّبه الكرة التكنولوجية: فالسيارات ومصانع المواد الاستهلاكية والطائرات والتدخين والتلوث الكيميائي والنووي والمصانع الأخرى تؤدي جميعًا إلى نقص في الأكسجين. وتدل الحسابات الأولية على أنه بعد حوالى 165 سنة، يمكن أن تتقلَّص نسبة الأكسجين الطليق في الجوِّ بحدود 24% وزنًا، أي تصل إلى الحدِّ الحرج. إن الوضع خطير، لكن ليس بدون مخرج.
يدور جدل كبير في عالم اليوم حول حقيقة انخفاض كمية الأكسجين. يقول بعضهم إن الأكسجين لن ينفد قبل 50000 سنة، وأن الإنسان سيبحث إذ ذاك عن مخرج من الأزمة. يتبنى هذا الرأي معظم الاستهلاكيين الذين يتظلَّلون بفلسفة الحياة للحياة، بينما يجنح آخرون لتصوير أن الأزمة أقرب من ذلك بكثير، ويؤيدون وجهة نظرهم بحقيقة أن التطور التكنولوجي هو تطور مركَّب يتحقق بقفزات كبيرة تفصل بينها فترات زمنية قصيرة جدًّا؛ وبالتالي، فقد يواجه العالم أزمة نفاد الأكسجين بعد 500 سنة فقط. فهل نستطيع قبول مثل هذا الجدل أو تسويغه؟ كلا! إذ علينا، أولاً وقبل كلِّ شيء، أن نأخذ بعين الاعتبار الوجود الإنساني، والحياة بصورة عامة، لا أن نطرح مسألة استمرار الوجود الإنساني والحياة على بساط البحث.
 
نتوقف هنا عند نوع فريد من التلوث، لأنه، إذا حدث، فلا شك سيكون الأخير في تاريخ الحضارة الإنسانية: إنه "الشتاء النووي" Nuclear Winter. إن استخدام الأسلحة النووية سيملأ أعالي الغلاف الجوي بسُحُب من الذرات المعلقة القاتمة التي ستُدخِل الأرض في عصر جليدي، تمامًا كما تفعل الغازات الملوِّثة، مع فارق أن هذه الأخيرة ستفعل فعلها خلال عشرات السنين، بينما تحقق الأسلحة النووية ذلك في عدة أشهر. أما الآثار الإشعاعية للحرب النووية فهي آثار فتاكة، تستوجب دراستُها إفراد أبحاث خاصة.
 

يتحدث بعض علماء اليوم عن مصطلح جديد هو "الطوارئ البيئية" Emergency Ecology، ويقصدون فرعًا جديدًا من الدراسات يهدف إلى الاستدراك والتطويق السريعين لما قد يحدث نتيجة تلوث مفاجئ، كتسرُّب مادة سامة أو خطرة من معمل أو مُفاعِل، أو تحوُّل مساحات كبيرة من الأرض برمَّتها إلى مناطق محظورة بيئيًّا بسبب ارتفاع نسب المواد الملوِّثة فيها. لماذا لا يفكر هؤلاء العلماء بطريقة لوقف دورة التغذية الراجعة المكوَّنة من الحلقات التالية:
خلق الحاجات الوهمية ¥ تطوير التكنولوجيا لتلبيتها ¥ تلويث الطبيعة نتيجة الإنتاج المتزايد ¥ نقصان الطاقة المتوفرة ¥ البحث عن بدائل للطاقة ¥ إقامة منشآت طاقية جديدة خطرة ¥ التسويق البضائعي للمنتجات الجديدة ¥ تحديد الآفاق الإنسانية بغمرها في محيطات مستحدثة من الاستهلاك ¥ سبر ردَّات الفعل الاستهلاكية ¥ تراكم الخبرات الصناعية الاستهلاكية
مثال: بماذا يفيد تطوير الأصبغة الكيميائية الجديدة الهادفة لتلوين الثياب؟ تحويل الأنهار إلى بحار سوداء عاتمة، أو زيادة عدد الخيارات المحيِّرة بين الشباب، لا بل والكهول! وأية خيارات تافهة هي تلك التي لا تدفع صاحبها إلى سوية أرفع! وهل يمكن أن يحدث أيُّ تغيُّر كيفي لدى الإنسان لمجرَّد أنه بدَّل لون ثيابه بلون آخر و/أو طراز أحدث؟! أذكر هنا مثلاً شعبيًّا قديمًا يقول: "المرء تحت طيِّ لسانه، لا طيلسانه." إنه خيار بين أن نسمِّم مياه العالم ونفسد عذوبتها كي نستطيع الظهور بحلل أبهى؛ أو أن نكتفي بما هو ضروري، فنترك للأجيال التالية بيتًا نظيفًا قابلاً للحياة فيه، هو أرضنا.
 

كيف تؤذي المواد الملوِّثة الإنسان؟
- تسبِّب كلُّ المواد الكيميائية التهاب الجلد التحسُّسي. وفي مقدمة هذه المسبِّبات: العطور، مواد التجميل، الإسمنت، الألبسة المحوكة من مواد صنعية، إلخ.
- أما أكسيد الفحم فهو مادة سامة؛ إذ يتحد مع خضاب الدم، مسبِّبًا نقصًا في أكسجين الجسم بمنعه الأكسجين من الالتحام بالخضاب. يترافق ذلك مع أعراض مزعجة، كالصداع والدوار وطنين الأذنين وضيق التنفس. وقد بات من المؤكد اليوم أن لأكسيد الفحم علاقة وثيقة بأمراض القلب.
- تفضي زيادة ثاني أكسيد الآزوت، بالمقابل، إلى انسداد القصيبات الهوائية وإنقاص مناعة الرئة وتعرُّضها للإنتانات؛ وتصل الرئة نتيجة ذلك إلى مرحلة الكهولة باكرًا.
- وماذا عن أكسيد الكبريت؟ إنه غاز مخرِّش ينحل في الماء؛ لذا يصيب الطرق التنفسية العلوية (حنجرة، رغامى، قصبات)، فيقبِّضها، محدِثًا فيها التهابات متعددة.
- تؤذي الجزيئات الصغيرة الطرق التنفسية أيضًا؛ وبعضها مُسَرْطِن، كالأسبستوس.
- تأكد العلماء مؤخرًا من التأثير السيئ للرصاص على الأطفال، وأثره التراكمي السيئ على الكبار.
- يؤدي تلوث الهواء، بصورة عامة، إلى الإصابة بالربو والتهاب القصبات المزمن وسرطان الرئة. وتزداد هذه الأمراض خطورة عند المدخِّنين. ولا شكَّ أن التدخين هو شكل فعَّال من أشكال التلوث. لقد ثبتتْ ثبوتًا نهائيًّا علاقة التدخين بسرطان الرئة وسرطان الجنب؛ كما أن التدخين هو أحد الأسباب الرئيسية لتصلب الشرايين واحتشاء العضلة القلبية.


لقد بلغت المواد الملوثة أعمق مكوِّنات البيولوجيا. فمثلاً وُجِدَ مركب الـد.د.ت. في حليب الأمهات وفي كبد طائر البطريق. ووصلت المواد شديدة السمية كلَّ أحواض المياه الجوفية في "وادي السيليكون" في أمريكا، حيث يصنعون أحدث الرقائق الإلكترونية. لقد كان لهذا التسرب أبعادًا مأساوية؛ إذ حدثت العديد من الولادات المشوهة. وما هو أدهى من ذلك أن أحدًا ما لا يستطيع نفي احتمال أن ينقل المولودون الأصحاء التشوهات الجنينية إلى أجيال تالية. وهكذا فقد وصلت الملوِّثات القلب الحقيقي للحياة، ألا وهو جهاز الوراثة.
 

يصنف الدارسون المعاصرون شكلاً هامًا من أشكال التلوث هو الضجيج. يصدر الضجيج عن السيارات، الطائرات، المصانع وغيرها. وإن العويل والصرير والدق والصفير والهدير تؤثر تأثيرًا ضارًّا على جسم الإنسان، وترهق الجهاز العصبي إرهاقًا مفرطًا؛ ويمكن لها أن تسبِّب مختلف الأمراض. ويمكن حتى قتل الإنسان بواسطة الضجيج. وقد أثبت علم السمعيات، الذي يبحث دراسة تأثير الضجيج على جسم الإنسان، أن للضجيج آثارًا تراكمية. فإن بعض مزعجات الضجيج تتجمع من يوم لآخر في الجسم، وتؤدي في نهاية الأمر إلى الإخلال بالوظائف الفسيولوجية، وفي بعض الأحيان، إلى اعتلال الصحة وسوء المقدرة على العمل. وبرهن العلماء على أن المدينة التي يعمُّها الضجيج تقصِّر حياة الإنسان عدة أعوام. إننا نتحول جميعًا، شيئًا فشيئًا، إلى مرضى مصابين بضعف الأعصاب. وإن التأثير التراكمي للضجيج يرهق الجهاز العصبي، وبالدرجة الأولى مقدرته على القيام بالعمليات الكبحية الوقائية. وقد صرنا نتضايق وننزعج من الضجيج الخافت بدرجة أكبر فأكبر؛ وإذا ما استمر الأمر على هذا المنوال سنستيقظ مذعورين لا عندما تطقطق دراجة نارية بشكل يصمُّ الآذان وحسب، بل حتى عندما تغرد العصافير!



يشعر أحدنا، في كثير من الأحيان، أن رأسه يكاد ينفطر بسبب الضجيج. ومما يبعث على الأسف الشديد أنه توجد غالبًا مصادر للضجيج لا تولدها الأجهزة بالغة التعقيد التي لا يضمن أحد عدم صدور ضجيج منها، بل نولدها نحن بأنفسنا! ألم يحدث أن شغَّل أحدنا التلفزيون أو الراديو أو آلة التسجيل بأعلى صوت ليلاً؟ أولم يغلق الباب بشكل يجعل صوت الإغلاق مسموعًا في الشارع المجاور؟ أولم يشغِّل السيارة وسط هدوء الليل، أو يدخل فناء البيت بدراجة نارية مطلقًا الهدير والعويل؟ وأخيرًا، ألم يحدث أن استفاق أحدنا مذعورًا لأن أبناء الحي يجرِّبون مكابح سيارات آبائهم، ولاسيما في ساعات بعد الظهر، عندما يخلد هؤلاء الآباء إلى الراحة؟
لقد أظهرت التجارب في المختبرات أن الأصوات الناجمة عن حفيف أوراق الأشجار تبعث على الهدوء في النفس؛ في حين أن بعض الأصوات الأخرى تؤذي الجهاز العصبي وتُفضي إلى أمراض القلب، كتحليق الطائرات النفاثة أو تشغيل الضواغط الهوائية لتكسير الطرقات والأرصفة وغيرها. إذا أراد أحدنا تجربة علمية على الضجيج، فما عليه إلا الانتظار لحظة انقطاع التيار الكهربائي في منطقة ما، ومراقبة ما يحدث في تلك اللحظة. سيلاحظ هبوطًا مفاجئًا للهدوء؛ إذ ستتوقف كلُّ البرادات والغسالات وغيرها من الأجهزة، بل وسينتفي طنين الأسلاك الحاملة للتيار الكهربائي. وقد دلَّتْ الدراسات الخاصة بالضجيج أن الناس الذين يعملون في الغابات وعلى ضفاف الأنهار أو في البحر يتعرَّضون بدرجة أقل من أبناء المدن للإصابة بالأمراض العصبية وأمراض القلب والأوعية الدموية. وبالإضافة إلى العوامل الأساسية، تلعب دورًا كبيرًا في ذلك، كما يبدو، أصواتُ الطبيعة. لقد ثبت أن لحفيف أوراق الشجر وتغريد الطيور وخرير مياه الجداول أو الشلالات تأثيرًا علاجيًّا صحيًّا على الجهاز العصبي ووظائف غدد الإفراز الداخلي. ويزداد نشاط العضلات بتأثير أصوات الشلالات. وهناك قانون متميز طريف: إن الموسيقى التي لها الفعالية الأكبر من وجهة النظر العلاجية إنما تحاكي في أغلب الأحيان أصوات الطبيعة. نذكر منها ما قاله تشايكوفسكي: "إنني نفسي أصبحت صوتًا لدى سماعي إنشاد الغابة." إن الموسيقى تكتسب في الطبيعة قوتها وسحرها. ويؤثر الضجيج على العمل والإبداع، فينخفض معدل الإنتاج؛ وبسببه يزداد احتمال الخطأ.
 

يذهب بعض العلماء إلى التصور بأن الكون سيتفكَّك في النهاية، بحيث تنطلق أجزاؤه متباعدة بعضها عن بعض؛ وبشكل أدق: إن الكون سيتوجَّه إلى الفوضى أكثر وأكثر. لكن الحياة، ممثلة بنموذجها الأول الإنسان، تناضل نضالاً معاكسًا، أي تسعى لإحلال النظام محلَّ الفوضى. وقد تجلَّى هذا النضال، في المئة سنة الأخيرة، بظهور الصناعة. ولكن هل لازالت الصناعة المعاصرة، بطابعها الاستهلاكي، تساهم في بناء النظام، خاصة أنها تحول الفلزات المنتشرة عشوائيًّا إلى بنى منتظمة؟ تقوم الصناعة باستخلاص المواد الكيميائية من الفلزات، ومن بعدُ فصل المعادن الضرورية عن هذه المواد. إن هذا يعني إنقاص الفوضى فعلاً. إلا أن الاتجاه العام للفوضى في الكون سيفرض بذلَ طاقة كبيرة لإحلال النظام المشار إليه. والطاقة المبذولة ستُدخِل عملية التنظيم مرتبةً، لتخرج بعدئذٍ خاليةً من أيِّ ترتيب. وبذا تصبُّ في قناة الفوضى الكونية.



يبقى على الإنسان أن يقرِّر حدَّ الإنتاج البضائعي الذي، إذا تمَّ تجاوزُه، ازدادت فوضى الطاقة المبذولة بالمقارنة مع نظام المادة المحوَّلة. إن ازدياد الفوضى على حساب النظام هو سمة الاستهلاك المعاصر. إن للأمر أبعاده الإنسانية؛ إذ يفقد الإنسان هويته، من حيث كونه يجسِّد النظام في مقابل الفوضى الكونية. تتمثل الطاقة عديمة الترتيب، الخارجة من عملية التنظيم، بفعل النفايات والبقايا والفضلات. وقد صار ذلك الفعل هو المشكلة اليومية في عصرنا. تضاف هذه النفايات والبقايا والفضلات إلى قائمة المواد التي تعزِّز الفوضى الكونية وتعمِّقها. نجد في هذه القائمة حوادث وتفاعلات أخرى. فهناك الاحتراق أو الأكسدة، سواء أكان احتراقًا طبيعيًّا أو صنعيًّا؛ وهناك الحت الطبيعي؛ كذلك نجد في هذه القائمة التفاعلات الضرورية لاستخلاص الطاقة من الطعام والوقود. إن التفاعلات الأخيرة هي تفاعلات متأصِّلة في صنوف الحياة كافة. وقد استطاع الإنسان إبداع طرق عدة تستهدف تحويل الفضلات إلى أشكال مفيدة.


لم نُشِرْ هنا إلى حجم المشكلة، واكتفينا بالتنويه إلى إمكانية تحويل الفضلات. ولكن ألا يمكن أن تتعاظم المشكلة، فتتجاوز إذ ذاك الفوضى المترتِّبة عن التفاعل النظامَ المبني من ذلك التفاعل؟ الإجابة ببساطة: نعم. يساهم الإنسان المعاصر في الفوضى الكونية، ويزيد استهلاك الفرد في البلدان المتقدمة زيادة قياسية. يجب علينا أن نستغل الطبيعة استغلالاً رشيدًا، فلا نأخذ منها إلا ما نحتاج، ونعيد ما يمكن إعادته، ونبلغ مستوى أفضل نوعيًّا لجمال الطبيعة وثرواتها المستعادة، مثل الغابات وعالم الحيوان والنباتات والتضاريس الطبيعية. إننا أمام خيار كبير: المأساة أو الانسجام!
 

لقد اعتاد الإنسان على اعتبار كوكبه غنيًّا جدًّا وكنزًا لا ينضب مُعينه، أعطى وسيعطي إلى الأبد الكمية المطلوبة من الطاقة والمواد والطعام. ولم يولد هذا الوهم اليوم أو يوم أمس؛ لكن العالم المحيط كان يتحمل السلوك البشري الأرعن عندما كانت البشرية غير مجهزة بالوسائل التكنيكية القوية؛ وبذلك ولدت ورسخت هذا التضليل ورسَّخته. فباستعمال الفأس والمعول والمحراث الخشبي يمكن حرث قطعة صغيرة من الأرض وقطع مائة أو مائتين من الأشجار وسكب عدة دلاء من الفضلات. لم تكن الطبيعة لتلقي بالاً لمثل لدغ البعوض هذا! لكن حلَّتْ أوقات أخرى، ازداد معها تعداد البشر، وتجهزوا بمعدات قوية جدًّا، وصاروا قادرين الآن على أن يأخذوا من الطبيعة كميات هائلة من المواد العضوية وغير العضوية، والتأثير على الغابات والمياه والتربة في الكرة الأرضية كلِّها.


لم يعد من الممكن اعتبار عملية إعادة تكوين الموارد الطبيعية مجرد إعادة عملية تكوين ذاتي. فالآن يمكن مقارنة تأثير الإنسان على البيئة لفترة قصيرة بآثار العمليات الجيولوجية والجيوكيميائية وغيرها من العمليات على نطاق العالم التي جرت خلال ملايين السنين. يبدو التطور المعاصر للإنسان وكأنه يمزِّق مبدأ أساسيًّا في الحياة، ألا وهو مبدأ الحفاظ على البقاء. فمثلاً تستجيب صنوف الحيوانات كافة لهذا المبدأ: فإذا ازداد عددُها هاجرتْ قبل أن يبدأ الغذاء بالتناقص. أما الإنسان، فهو يقلِّص مساحات الأراضي المزروعة، ويصنع الأسلحة النووية بهدف تدمير الحياة ككل. أُجرِيَتْ التجارب على الحشرات في المختبر بإنقاص مخزون غذائها، فحاولت الهجرة؛ وعندما مُنِعَتْ من ذلك قامت بالحدِّ من نسلها عفويًّا.
 


لقد وضع العلم اليوم يده على حقيقة هامة: إن كلَّ ما يجري من أحداث في الكون، بما في ذلك تظاهرات الحياة المختلفة، إنما هو انعكاس الحركة. هي حركة موجودة واحدة، لها وجهان مختلفان: المادة والطاقة. كان الطريق إلى كشف هذه الحقيقة طويلاً، واعتمد أساسًا صناعة النماذج. نذكر في هذا السياق أن الحياة هي نموذج مثالي للمادة والطاقة. تستند صناعة النماذج، بدورها، إلى توصيف جميع محتويات الطبيعة بلغة بسيطة واحدة متخصِّصة، هي لغة المعلومات أو المعلوماتية. وهكذا لم تحدِّد الحياة وجودها بالاقتصار على نتائج القِران الطويل العهد بين المادة والطاقة؛ بل إن الحياة هي، في واقع الأمر، التتويج الحتمي لحركة المعلومات الخاصة بذلك القِران وتطورها، وتركيزها، من ثَمَّ، في شكل قاعدة معلوماتية واسعة تُعرَف باللغة التكنيكية باسم "المعلومات الجينية". ويرتبط بكلِّ مخزونٍ معلوماتي رقمان يعبِّران عمَّا يحتوي ذلك المخزون من معلومات وعن جودة تلك المعلومات. لا تبرز المعلومات وتأخذ دورها إلا في الكرة الحية. ويستجيب الكائن الحي للمحتوى المعلوماتي للحادثة، وليس لمظاهر الحادثة، بينما يغيِّر التلوث من المحتوى المعلوماتي ويشوِّهه؛ فتشوَّه الاستجابةُ، بالتالي، ويتغير الكائن الحي إلى الأسوأ.


يتجلَّى التغير الأخير بإفساد علاقات التعاضد القائمة بين الكائنات الحية منذ ملايين السنين. لقد تميزت الحياة الأولى بكمٍّ معلوماتي منخفض وجودة معلوماتية عالية. وإذ كان على الحياة أن تستمر، فقد وَجَبَ البحث عن طرق أكثر أمانة، ليس في نقل الكمِّ المعلوماتي وحسب، بل والجودة المعلوماتية أيضًا؛ فكان التكاثر اللاجنسي، ثم التكاثر الجنسي باشتراك كائنين حيين. ولا ندري إن كان بمقدور الحياة أن تبدع أسلوبًا آخر من التكاثر، ربما باشتراك ثلاثة كائنات حية مثلاً. استطاعت الحياة، بإبداعاتها هذه، أن تصل إلى كائن متقدِّم هو الإنسان.


ووَصْفُ الإنسان بـ"التقدم" هنا له ما يبرِّره؛ إذ إن الكمَّ المعلوماتي في مخِّ كلِّ إنسان أكبر بكثير من الكمِّ المعلوماتي المتوفر في الكون الفيزيائي كلِّه. تحقَّقَ هذا التراكم المعلوماتي على مراحل وقفزات، وبرزتْ أولى أشكال الحياة الفاعلة عندما أتى إلى الوجود كائن حيٌّ يفوق بمعلوماته الكون الفيزيائي من حوله برمَّته؛ وانتهت بولادته المرحلة الأولى، أي مرحلة تصنيع الحياة. بدأت بعد ذلك المرحلة الثانية، أي مرحلة النقل الأمين للكمِّ المعلوماتي والجودة المعلوماتية من أجيال متقدمة إلى أجيال لاحقة من الكائنات الحية. وتُوِّجَتْ المرحلة، كما ذكرنا، بابتكار التكاثر الجنسي. وبعد هذا الابتكار دخلت الحياة في حارات ضيقة ومتاهات طويلة، بحثًا عن خزانات معلوماتية ذات مواصفات أعلى. ونتيجة ذلك البحث التقت الحياة خزانًا معلوماتيًّا متميزًا هو المخ الإنساني.
 
نواجه الآن المرحلة الثالثة من تطور الحياة. فقد أقدم التطور الصناعي، في العقدين الأخيرين، على إسقاط معيار الجودة المعلوماتية الذي تبنَّتْه الحياة عبر ملايين السنين من تطورها، مكتفيًا بالكمِّ وحسب. لقد اتَّحد الصناعيون على مواصفات غريبة، منها، أن تبلى صناعاتُهم بعد فترة قصيرة، بهدف الحفاظ على استمرارية إنتاجهم، بينما خاضت الحياة بعفوية، عبر ملايين السنين، أقسى معاركها بغية تحقيق مبدأ مختلف تمامًا، هو النقل الأمين للمعلومات الأجْوَد. إذا صحَّتْ الفرضية القائلة إن للحياة دورتين، تصعد عبر إحداها وتهبط عبر الأخرى، فعند ذلك يكون ما يفعله الصناعيون مبرَّرًا.
يرتبط الاستهلاك بالخواء النفسي والروحي؛ أما النظام فيقترن بتركيز المعلومات الجيدة وازديادها. إن الخواء ليس خواءً بالمعنى الحرفي للكلمة، بل هو تخزين للمعلومات السيئة غير المفيدة. يتطلَّب تجميع المعلومات الجيدة نوعًا من التركيز والصفاء، في حين يلغي الاستهلاك التركيز ويشوش الصفاء؛ وبهذا يُفتقَد العامل الأساسي في التفريق بين الكون الفيزيائي وبين الحياة. إن الفوضى الكونية لن تجد في هذه الحالة ما يعيقها عن الانتشار. ولكن ما عسانا فاعلين بالإرث المعلوماتي الهائل الذي جمعتْه الحياة لنا؟ يجب أن نعود إلى الضروريات، وأن نتحسَّس مسؤوليتنا الأدبية تجاه الكون؛ إذ علينا أن ننقذ النشاط المعلوماتي من الابتذال الاستهلاكي المعاصر.

لقد تمخض التاريخ الأول للحضارة عن قيم أخلاقية محددة، كانت المطمح لغالبية الحركات الاجتماعية. دعونا نتأمل بعض هذه القيم، ثم نقارن ونقابل.

التقشف: هو أن لا يأخذ الإنسان إلا ما يحتاجه في إطار المحافظة على حياته وحسب.
الصدق: هو أن ننقل الحقيقة بشكلها الاجتماعي والذاتي، سواء من خلال القول، وعلى الأخص من خلال العمل.
الجمال: أن نعي أواصر القربى مع الطبيعة ونتفهَّمها، وأن نستكشف الصيغ المحكمة لتلك الأواصر في شكل أعمال فنية متقدمة ومعاناة جمالية أصيلة تمامًا، كما نستكشف علاقات أجزاء الطبيعة بعضها ببعض، ونضعها في معادلات رياضية.
ولمفهوم "الجمال" جانب خطير آخر أشبه بالمتع الحسية التي تقود للحفاظ على الحياة الفردية لكلٍّ منا. مثلاً: متعة التذوق التي لولاها لما تناول أيٌّ منا الطعام، ولما استمرت الحياة. وإذا كان للمتعة الجنسية منظورًا ذرائعيًّا ضيقًا وقريبًا، يتلخَّص في استمرار حياة الفرد ضمن فترة زمنية قصيرة، فإن للمتع الجمالية منظورًا استراتيجيًّا بعيدًا يرمي إلى الحفاظ على الحياة كظاهرة كونية فريدة. ويرتِّب ذلك الحفاظُ على الشكل الأصيل للمعاناة الجمالية وتطويرها استكشافَ مجاهل أكبر من تفاصيل العلاقة بين الطبيعة والإنسان، دون أيِّ تشويه قد يؤدي إلى طَمْسِ تلك المعالم، تمامًا كما في الكشوف العلمية. فأية إضافة خارجية ومفتعلة إلى التجربة ستغطي على الفور العلاقة الكامنة التي سعى الباحث، من خلال تجربته، لأن يضع اليد عليها. إن خطوط التغذية الراجعة feedback بين الطبيعة والإنسان، التي تمثل المعاناةُ الجمالية لها الكاشفَ المتطور أبدًا لتفاصيلها، مهددةٌ اليوم بالانفصام نتيجة طلاء التلوث الذي بدأ يغلِّفها؛ وقد بات لهذا الطلاء شكلان: بيئي، من جهة، وروحي فكري، من جهة أخرى.


لقد بدأت الوظيفة الجمالية بالأفول في عصر التلوث. ويؤيد ذلك توقُّف إنتاج الأعمال الموسيقية العظيمة في عصرنا، لأن المعاناة الجمالية أُفسِدتْ. فبدلاً من استلهام الطبيعة أصبحنا نستلهم صورها المعلَّقة في منازلنا. وإذا ذهبنا إلى بعض بقايا الطبيعة، فعلنا ذلك بشكل آلي مفصول عن الأسلوب الأساسي لتذوق الجماليات.
وقد ساعد في تشويه المعاناة الجمالية اضمحلال القيم الأخرى واستبدال قيم أخرى بها. مثلاً استُبدِل بالصدق عدمُ قول الحقيقة عن ثمن البضاعة؛ ومن بعدُ عدم قول الحقيقة فيما يتعلق بمغزى استعمال هذه البضاعة وضرورتها؛ وأخيرًا التغرير والدفع إلى شراء أية بضاعة واستعمال. تقوم الكيميائيات الملوِّثة بفعل مشابه في قطاع الجماليات؛ إذ تتمكَّن من عدم قول الحقيقة لدى التصنيف الجمالي لكلِّ ما هو موجود. وهكذا تستطيع الكيميائيات أن تبهرنا بأيِّ إنسان، لأن الكيميائيات تستطيع أن تؤمن أشكالاً لامتناهية العدد من الملابس الزاهية، وآلافًا من الطلاءات المختلفة التي تستطيع إخفاء العيوب النفسية، وتغطية الثغرات الفكرية خلف قناع الشكل آني الإبهار. من هذا المنظور، نجد صعوبة بالغة في الحكم على جمال المرأة في عصرنا لأن آلاف المشتقات البترولية، المعبأة بأشكال متمايزة، تحول دون قراءة مدى ما تتصف به امرأةٌ معينة من جمال داخلي. وعلى العكس، لا تتجمَّل المرأة الإفريقية إلا بالودع، والقطع الخشبية الصغيرة الملتقطة من جوانب الأشجار، والأصبغة الطبيعية غير الكيميائية، كالحنة. إن هذه الطريقة في التجميل لا تقطع الطريق على فهم ما قد تتمتَّع به هذه المرأة من طيبة وتباسُط. يرتبط التلوث، إذن، مع تحلُّل القيم. وهذا ما يمكن أن نسمِّيه بالتلوث الفكري والروحي.
 
لقد بقي الكتابُ الناقلَ الأمينَ والصادقَ لمنجزات الفكر البشري؛ ووصلتْ بعض الكتب حدَّ القدسية. أما اليوم فقد أسَّستْ بعض الشركات في عصرنا لإنتاج أغلفة الكتب المشهورة من البلاستيك! أذكِّر بالأذيات التي يسببها البلاستيك للطبيعة؛ ولكننا هنا بصدد التلوث الفكري والروحي. لذا أستطرد فأقول: إن هذه المنتجات هي مجرد أغلفة دون كتب داخلها! وهكذا فبإمكان أيِّ إنسان اقتناء أغلفة أهمِّ المؤلَّفات العالمية ورصفها في مكتبة منزله. وإذا أحبَّ معرفة بعض المعلومات عن المحتويات الغائبة لتلك الأغلفة بقصد المباهاة المعلوماتية، فهناك بعض أشرطة الفيديو التي تؤمِّن له موجزًا مشوهًا عن بعض ما يرغب فيه؛ وتفعل هذه الأشرطة في قطاع المعرفة ما تفعله الكيميائيات في قطاع الجماليات. أما مَن بقيت لديه رغبة في القراءة فالأسواق العالمية مغرَقة بالمؤلَّفات المبتذلة المفسدة للذوق والفكر؛ وقد تصدى لكتابتها نخبةُ من لا تتوفر لديهم أية موهبة – اللهم إلا موهبة الربح والإنجاز

بالتوفيق للجميع
منقول من موقع النخبة
محمد حسان